للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٤٩ - «واختلف في بيع ما أذن في اتخاذه منها».

الكلاب منهي عن اتخاذها عدا كلب الماشية والصيد والزرع، وتحريم اتخاذها يعني تقليل وجودها واستعمالها إلا فيما استثني، ومن علم ما للكلاب اليوم من المنزلة عند الكفار، وما تستخدم فيه مما لا يحسن ذكره أدرك حكمة النهي عن اتخاذ ما سوى المأذون في اتخاذه منها، وقد أمر النبي أول مقدمه المدينة بقتلها، ولعلها كانت كثيرة، ثم إنه قال: «لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها كلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم»، رواه أبو داود والترمذي (١٤٨٦) عن عبد الله بن مغفل ، وفي هذا الحديث إشارة إلى محافظة الشرع على الأنواع النافعة من الحيوانات بخلاف الضارة، وفيه إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ [الأنعام: ٣٨]، ويقولون في عصرنا عن هذا إنه حماية الأنواع من الانقراض.

وقد اختلف في صحة بيع المأذون في اتخاذه من الكلاب، ومشهور المذهب المنع للنهي المتقدم، وقيل بالكراهة، والثالث الحل، وهو القياس، لأن الإذن في الاتخاذ مع الحاجة إليه يكاد يتنافى مع المنع من بيعه، وترك ذلك للعطية ونحوها مع ما فيها من المنة، لكن يعارض هذا المعنى أن السنور مأذون في اتخاذه بالاتفاق مع طهارته، ومع ذلك جاء النهي عنه، لكن قد يقال إن حاجة الناس إلى الكلاب أشد من حاجتهم إلى السنانير، والقول بالجواز لابن كنانة، ولسحنون قال: «أبيعه وأحج به»، وقد روى أحمد والنسائي والبيهقي من طريق أبي الزبير عن جابر قال: «نهى رسول الله عن ثمن الكلب إلا كلب صيد»، وانظر التعليقات الرضية (٢/ ٣٤٧)، والصحيحة للألباني الحديث (٢٩٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>