(٥/ ٤٩٩): «وفي معناهما من حضر فأقره، وإنما سوى بينهم في اللعنة لأن العقد لا يتم إلا بالمجموع، ويجب على الإمام إذا عثر على أحد من هؤلاء أن يغلظ عقوبته البدنية، ويتلف مال الربا عنهم … »، انتهى، وقد غدا الربا يكتب ويشهد عليه فيوثق، ويقنن أنظمته الحكام فمن أين لنا أن نطالبهم بمعاقبة مرتكبيه؟.
والأربعة وإن اشتركوا في حصول اللعن لهم فإن أمرهم مختلف بعد الوقوع، فليس على الكاتب والشاهدين غير الندم والتوبة، وهكذا موكل الربا إذا لم يتمكن من التراجع عن العقد، ومن المستبعد أن يعامل كما يعامل الغاصب الذي لا حق له في الغلة على الراجح، أما آكل الربا فإنه مطالب برد غير رأس ماله كما هو حكم الله تعالى في قوله: «﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (٢٧٩)﴾ [البقرة: ٢٧٩]».
والربا من الكبائر كما قال رسول الله ﷺ:«اجتنبوا السبع الموبقات،،،» الحديث، والموبقات هي المهلكات، وذكر منها أكل الربا، وقال النبي ﷺ:«درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية»، رواه أحمد والطبراني عن عبد الله بن حنظلة كما في صحيح الجامع الصغير، وفيه عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال:«أهون الربا كالذي ينكح أمه، وإن أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه»، عزاه لأبي الشيخ في التوبيخ، والاستطالة في العرض الكلام فيه من غير حق.
وما كان من أنواع الربا مجمعا عليه كربا الجاهلية وربا النسيئة؛ فمن استحله فليس بمسلم، بل هو مرتد يقتله الحاكم، ومن ارتكبه فهو فاسق يؤدب بعد فسخ بيعه، ويلزمه رأس ماله بعد فوات البيع بمفوت، ومن قبض أكثر من ذلك وجب عليه أن يرده لصاحبه إن عرفه، فإن مات فلورثته، فإن لم يعرفه تصدق به عليه، ومثل ذلك يقال في الدين الذي لم يعرف صاحبه أو لم يعثر عليه، وإن أسلم الكافر فله ما سلف في حال كفره، أما ما بقي من الديون له على غيره فليس له منها إلا رأس ماله، ومن تورط في عقد بيع ربوي مع مؤسسة، وبذل ماله ولم يمكنه الخروج منه فليعجل برد الدين حتى لا يطول أمد معصيته، ولا يجوز له أن يبيع الصفقة لمسلم يتولاها دونه لأنه توريط له في الباطل، وتكثير للآثمين بأكل الربا، فإن كان العقد مع فرد فلا يلزمه الوفاء به لكن لا ينبغي له أن يدخل فيه للحصول على