المار القصد، قال خليل:«ولو مر إن نواه»، وهو الركن الذي يفوت الحج بفواته، فأما الوقوف نهارا ابتداء من الزوال؛ فواجب يجبر بالدم، لكن يدل على أن الحج لا يفوت بالوقوف ليلا ما في حديث عروة بن مضرس، قال: أتيت النبي ﷺ يعني بجمع، فقلت: جئت يا رسول الله من جبل طيئ، أكللت مطيتي، وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل؛ إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟، فقال رسول الله ﷺ:«من أدرك معنا هذه الصلاة، وأتى عرفة قبل ذلك ليلا، أو نهارا؛ فقد تم حجه، وقضى تفثه»، رواه أبو داود (١٩٥٠) والترمذي والنسائي، وقال الترمذي حسن صحيح، كما صححه ابن العربي في أحكام القرآن (١/ ١٣٦)، وقال يلزم الشيخين إخراجه، وقوله هذه الصلاة؛ قيل صلاة الفجر بمزدلفة، والتفث بالتاء والفاء المفتوحتين؛ أصله الوسخ والقذر، والمراد هنا أن من فعل ما ذكر؛ فقد أتى بأغلب المناسك التي تسبق ما يلزم منه عدم قص الظفر، وإزالة الشعر، وتنحية الدرن، وترك الطيب، والتزين، فأطلق المسبب، وأراد السبب، والله أعلم، والمراد الغالب من ذلك، إذ لم يبق على الحاج إلا رمي جمرة العقبة، والحجة منه قوله: ليلا أو نهارا، ويدل عليه أيضا ما في حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال: أتيت النبي ﷺ وهو بعرفة، فجاء ناس أو نفر من أهل نجد، فأمروا رجلا فنادى رسول الله ﷺ:«كيف الحج»؟، فأمر رسول الله ﷺ رجلا فنادى:«الحج الحج يوم عرفة، من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع، فتم حجه، أيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه»، رواه أبو داود (١٩٤٩)، وبقية أصحاب السنن، وصححه الترمذي، ويمكن القول إن الوقوف المجزئ هو ما كان بعد الزوال إلى طلوع الفجر بمعية فعل النبي ﷺ، وقوله هذا، وفعل أصحابه.
وقد جاء في فضل يوم عرفة قول النبي ﷺ:«مامن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا أو أمة من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: «ما ذا أراد هؤلاء»؟، رواه مسلم (١٣٤٨) والنسائي عن عائشة -رضي الله تعالى عنها-، ودنو الله تعالى يُمَرُّ من غير نعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، ومما يدل على عظم الوقوف بعرفة وما فيه من الفضل