٤٩ - «ومن أحيل بِدَيْنٍ فرضي فلا رجوع له على الأول، وإن أفلس هذا إلا أن يغره منه».
تكلم المؤلف على الحوالة قبل إنهاء الكلام على الضمان لقرب معناها منه، وهي بفتح الحاء، قال في القاموس:«الحوالة كسحابة»، وقد عرفوها بأنها «نقل الدَّيْنِ من ذمة إلى ذمة تبرأ به الأولى»، انتهى، وقال ابن عرفة:«هي طرح الدَّيْنِ عن ذمة بمثله في أخرى»، انتهى، وحكمها الجواز، وقد يقال إنها تتعدى ذلك لما فيها من تقليل الذمم المشغولة، والشرع متشوف إلى هذا، ولأن النبي ﷺ قال:«مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع»، رواه مالك والشيخان وأصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة، والمطل التأخير من وقت لآخر، وأتبع معناه أحيل، والمليء الغني، وقوله فليتبع ثلاثي بسكون التاء وفتح الباء، أي جعل تابعا للغير بطلب حقه منه، وقيل بشد التاء رباعي اتبع، والحوالة مستثناة بالدليل من أصل ممنوع وهو بيع الدَّيْنِ بالدَّيْنِ لأنها في معناه، والحكمة منها تقليل الذمم المشغولة، فمن أحيل بدَيْن ثابت له على شخص ورضي بالحوالة فلا يقبل منه الرجوع عنها، بمطالبة المحيل بدفعه له ولو أفلس المحال عليه إلا أن يكون المحيل غارا له كأن يعلم بإفلاس المحال عليه.