مما جاء في الشرب قائما حديث أنس قال:«نهى رسول الله ﷺ أن يشرب الرجل قائما»، قال قتادة:«فقلنا: «فالأكل»؟، فقال:«ذاك شر وأخبث»، رواه مسلم وأبو داود والترمذي، وجاء بلفظ:«زجر عن الشرب قائما»، وروى مسلم عن أبي هريرة قال، قال رسول الله ﷺ:«لا يشربن أحد منكم قائما، فمن نسي فليستقئ»، وروى أحمد عن أبي هريرة أن النبي ﷺ رأى رجلا يشرب قائما فقال:«قه»، قال:«لمه»؟، قال:«أيسرك أن يشرب معك الهر»؟، قال:«لا»، قال:«قد شرب معك من هو شر منه الشيطان»، وأمره بالاستقاء، وإخباره أن الشيطان شرب معه يشعر بمنع الشرب قائما، وما قيل من أنه لم يختلف في أن من شرب قائما ليس عليه الاستقاء دفع في وجه الدليل من غير تثبت، قال النووي:«وكيف تترك هذه السنة الصحيحة بالتوهمات الباطلة»، انتهى، ومما جاء من فعله ﵊ ما رواه أحمد والشيخان عن ابن عباس ﵄ قال:«شرب النبي ﷺ من زمزم قائما»، وروى أحمد والبخاري عن علي أنه شرب وهو في رحبة الكوفة قائما، وقال:«إن أناسا يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم، وإني رأيت النبي ﷺ فعل كما رأيتموني فعلت»، والجمع بين طرفي الأدلة هو المقدم، فيكون الشرب في حال القيام من غير عذر مكروها كراهة شديدة، وفعل النبي ﷺ ذلك إما للعذر، وإما لبيان الجواز، ولا يكون فعله حينذاك مكروها، لأن الله تعالى أوكل إليه بيان الدين للناس، ويتأيد كون الشرب في حال القيام ليس محرما ما رواه مالك في الموطإ بلاغا من أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان كانوا يشربون قياما، وما رواه عن جعفر القاري أنه رأى عبد الله بن عمر يشرب قائما، وعن ابن شهاب أن عائشة وسعد بن أبي وقاص كانا لا يريان بالشرب قائما بأسا، وروى عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه أنه كان يشرب قائما»، فالحاصل