للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٣٣ - «ولا يجوز بيع وسلف، وكذلك ما قارن السلف من إجارة أو كراء».

أصل هذا أن «كل عقدين يتضادان وضعا، ويتناقضان حكما لا يجوز اجتماعهما»، قاله ابن العربي في المسالك (٦/ ١٤٤)، وتوضيحه هنا أن البيع والإجارة والكراء متى قارن واحد منها السلف شرطا أمكن أن يكون له مدخل في العوض بكثرته أو قلته حسب الجهة التي اشترطت المقارنة، وقد يكون فيه منفعة للمقرض غطاها البيع أو الإجارة، فأما الهبة والصدقة فلا بأس باجتماعها مع السلف إن كان الواهب والمتصدق هو المسلف، أما إن كان هو المتسلف فلا يصح، فإذا وقع عقد من تلك العقود مع السلف على نحو ما تقدم كان فاسدا، فيترادان، فإن حصل الفوات وجب رد المثل في المثلي، وفي القيمي يرد المشتري الأكثر من الثمن والقيمة متى كان هو المسلف، لأنه لما سلف البائع كان الاحتمال الأقوى انه أخذها بالنقص، وإن كان البائع هو المسلف كان للمشتري الأقل من الثمن والقيمة، وكل هذا ما لم يسقطا الشرط قبل فوات السلعة، فإن أسقطاه مضى السلف، نص عليه في المدونة.

وقد روى أحمد وأصحاب السنن الأربعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك»، وصححه الترمذي، وانظر مجموع الفتاوى لابن تيمية (٢٩/ ٥٢٨).

ولعل المقصود نفي حلهما في حالة اجتماعهما بحيث يؤثر أحدهما على الآخر، لدخول السلف هنا فيما جر منه منفعة، ولأنهما صفقتان في صفقة، وقد ورد النهي عنهما أيضا، أما ربح ما لم يضمن فهو أن يشتري سلعة فيبيعها قبل أن ينتقل ضمانها إليه، فنهى عن البيع بنهيه عن الربح لأنه هو المقصود منه، ولأنه مرتب عليه، وقد علمت من قبل أن القبض في المذهب غير لازم قبل البيع إلا في الطعام، فلا يباع قبل أن يستوفى، وأن الضمان

<<  <  ج: ص:  >  >>