للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبعد النجعة، وخالف ما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وما دعوا إليه أقوامهم، وإن كان النظر في أصله واجبا، قال الله تعالى: ﴿قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى (١٠)[إبراهيم: ١٠]، قيل الشك الذي أنكروه عليهم هو الشك في وجوده سبحانه، وقيل بل هو الشك في استحقاقه أن يعبد دون سواه.

والصواب: أن كلا منهما لا شك فيه، فمعرفة الله ضرورية في أصلها، وتوحيده وإفراده بالعبادة مرتب على ذلك ولازم له، والنظر في الآيات المرئية والمتلوة مطلوب وهو مما تقوى به المعرفة وتترسخ الحجة:

فيا عجبا كيف يعصى الإله … أم كيف يجحده الجاحد

وفي كل شيء له آية … تدل على أنه الواحد؟.

• منهج القرآن والسنة في تعليم العقيدة:

ومنهج السنة والقرآن هو الحديث عن التوحيد الذي هو أعظم المقاصد مع كل المقاصد الأخرى من الأحكام، وأخبار الغيب، والقصص، وقد تنفرد بعض السور بذكره كسورة الإخلاص، ولا تخلو سورة من التذكير به، ومن تتبع نصوص السنة في كتبها المصنفة على أبواب الفقه وقف على هذا الذي أقول، والأذكار كلها توحيد لله تعالى، بالثناء عليه، والرغب إليه، والتشويق إلى لقائه، والافتقار إلى نواله، وتأمل كيف أن قصارى ما يدعو به المؤمن في الكرب أن يوحد الله تعالى، ويذكر ربوبيته للسموات والأرض، ولعرشه العظيم، فقد كان النبي يدعو عند الكرب يقول: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض، ورب العرش العظيم» (١)

وروى أبو داود (٢) عن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله : «ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب، أو في الكرب؟، الله الله ربي لا أشرك به شيئا»،


(١) متفق عليه: (٣٦٤٥)، ومسلم (٢٧٣٠).
(٢) أبو داود (١٥٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>