يقال شغر البلد يشغر شغورا من باب قطع، إذا خلا من الناس، ولم يبق به أحد يحميه ويضبطه، والشغار بكسر الشين من هذا المعنى على الراجح، فإنه نكاح جاهلي، يتزوج فيه الرجل المرأة بغير مهر، على أن يزوج غيره امرأة بغير مهر، فخلو النكاح من المهر شرطا، مع جعل الفرج مقابل الفرج هو وجه تسميته شغارا، وقد أبطل الإسلام هذا الضرب من النكاح في جملة ما أبطله من الأنكحة، قال ابن عمر ﵄:«نهى رسول الله ﷺ عن الشغار، والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، وليس بينهما صداق»، رواه مالك (١١٢٤) والشيخان وأصحاب السنن، والتفسير المذكور للشغار من كلام نافع، كما في سنن أبي داود، وقيل هو من كلام مالك، وتخصيص البنت بالذكر في الحديث ليس قيدا في النهي، بل هو فرد من أفراده المنهي عنها كما عليه أهل العلم، وفي بعض الروايات جاء ذكر غير البنت وجاء مطلقا أيضا، لأن العلة حسب التسمية إسقاط الصداق مع اشتراط التزويج عوضا عنه، وهو ما يفيده قول المؤلف في تعريف الشغار:«وهو البضع بالبضع»، بضم الباء، أي الفرج بالفرج.
ونكاح الشغار في المذهب أنواع ثلاثة: صريح الشغار، ووجه الشغار، ومركب منهما، وجميعها فيه شرط المبادلة، لكن الأول فيه إسقاط الصداق من الطرفين، والثاني فيه إثبات الصداق من الطرفين، والثالث فيه إسقاطه من أحدهما، وقد قيل إن المؤلف اقتصر على الأول، وهو إسقاط الصداق من الطرفين، ولا يسلم هذا لقائله، فإن كلامه يشمل الأنواع الثلاثة، لأن كلا منها فيه البضع مقابل البضع.
وحكم صريح الشغار الفسخ قبل الدخول وبعده من غير خلاف، والفسخ يكون بغير طلاق، لأنه نكاح باطل من أصله، والمشهور أن يكون بطلاق.