ويحتمل أن يكون المقصود عدم أخذ الجابي من غير تلك الأنواع وترك إخراجها لأصحابها.
ولعل المعنى الأول هو الذي راعاه من زاد من السلف على الأربعة أو نقص منها، فنقص منها شريح والشعبي، وزاد ابن عباس السلت والزيتون، وزاد إبراهيم الذرة، وزاد عمر بن عبد العزيز القطاني والسلت، وزاد مكحول القطنية.
وقال الزهري:«التوابل بمنزلة الحبوب تزكى»، ذكرهم أبو عبيد في كتاب الأموال:(باب السنة فيما تجب فيه الصدقة مما تخرج الأرض)، وتوسع مالك فرأى الاعتماد على الاقتيات، وقال أحمد تجب الزكاة في كل ما يوسق، فلم يخص مقتاتا من غيره، وقال عبد الملك ابن الماجشون بوجوبها في أصول الثمار دون البقول، وقد اقتربا من قول أبي حنيفة الذي قال بوجوب الزكاة في جميع ما يؤكل قوتا كان أو غيره، والمسألة من المعضلات، وبالله التوفيق والعصمة.
قال ابن العربي في أحكام القرآن (٢/ ٧٥٩) بعد أن سرد أقوال بعض المذاهب: «وأما أبو حنيفة فجعل الآية مرآته فأبصر الحق، وقال إن الله أوجب الزكاة في المأكول قوتا كان أو غيره،،»، ثم شرع ينصر هذا القول، ويرد ما عداه فانظره فإنه نفيس.
واعلم أنه يلزم على القول بعدم وجوب الزكاة في غير الأربعة، وهكذا غيرها مما ذكره من قاس عليها كل بحسب ما عرف من المحاصيل في بيئته؛ أنه متى لم يكن ما ذكر مستنبتا في مكان؛ فلا زكاة في الحرث أصلا، وهذا بعيد من مقاصد الشرع في الزكاة، فإن على رأسها مواساة المحتاجين، والقيام بالمصالح العامة والخاصة المرتبطة بالمصارف الثمانية، والشارع لا يتشوف إلى نوع بعينه مما يقيم الناس به أودهم من الطعام فيرغب في استبقائه ووجوده، فيلزم الناس باستنباته وتنميته، حتى يقال لا يجب في غير ما ذكره، فإن الحكمة من الزكاة بيّنة واضحة، نظيره أن الشارع إنما أوجب الزكاة في الذهب والفضة، فلم يقال بوجوب الزكاة فيما قام مقامها من العملات في هذا العصر؟
فإن قيل: كانا أثمانا للأشياء، فما حل محلهما في ذلك أعطي حكمهما، قلنا: وهذه أموال وأقوات وأطعمة للناس، إذا لم تكن موجودة في زمن أو في موضع ووجدت في آخر