على ما ذهب إليه أهل الأهواء والابتداع، ومن الأمثلة عليه جواب عبد الله بن عمر ﵄ عندما بلغه إنكار بعض الناس القدر بالبصرة، إذ كان معبد الجهني أول من قال بذلك، فلما قيل لعبد الله بن عمر: إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرءون القرآن ويتقفرون (يتتبعون) العلم، وأنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنُفُ، كان جوابه: إذا لقيت هؤلاء فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر، ثم ساق عبد الله بن عمر ﵄ دليل ذلك، وهو حديث جبريل الطويل، والخبر هذا في صحيح مسلم من كتاب الإيمان.
فمن اصطنع منهج السنة والقرآن في هذا الزمان، لما تعرفه الدعوة من التضييق عليها في كثير من الأوطان، فإنه لم يأت منكرا، وإن خالف عرفا لا معروفا، وقد أنكر علينا هذا الأسلوب بعض المتعجلين، فباءوا بدون خفي حنين، ومفتاح الأمر كله أن تعلم الناس التسليم لنصوص الكتاب والسنة، فإذا انحلت هذه العقدة عن قلوبهم؛ وهنت بقية العقد وضعفت، ثم تلاشت، فأقبلوا على الحق راضين راغبين مذعنين، وهذا هو المستهدف من تدريس هذه النصوص، فإنها المعين الثر لكل علوم الشرع، ومرجع هذه العلوم كلها توحيد الله تعالى، فإنه حق الله الذي يسبق كل الحقوق، والمقصود أن كل درس من الدروس، حديثا كان أو فقها أو سيرة أو غيرها؛ هو مجال لغرس العقيدة الصحيحة في النفوس، بل ذلك هو المطلوب، كلما أتيحت للمرء الفرصة، وما أكثرما تتاح.
[بعض مميزات عقيدة السلف وآثارها]
- هي مستقاة من الكتاب والسنة، وما أجمع عليه المسلمون، أما ما اختلف في ثبوته من السنة فيلزم القولَ به من صححه، أو اتبع من صححه، ولا تفريق في هذا المجال بين ما تواتر من النصوص وما كان آحادا، إذ لا دليل على الفرق، ولا قال به السلف.
- لا مجال في هذه العقيدة للآراء والأقيسة، ولو خضعت العقائد لهذا الأمر لما كان للمؤمن مزية على غير المؤمن، وقد قال الله تعالى: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾
[البقرة: ٢ - ٣].
- والنصوص في العقيدة مستقلة غالبا، فالعقائد المنصوص عليها في كتاب الله ليست