للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

١٣٠ - وليلجأ إلى الله فيما عسر عليه من قياد نفسه ومحاولة أمره موقنا أنه المالك لصلاح شأنه وتوفيقه وتسديده لا يفارق ذلك على ما فيه من حسن أو قبيح ولا ييأس من رحمة الله».

روى الحاكم عن أبي هريرة قال، قال رسول الله : «ألا أدلك على كلمة من تحت العرش من كنز الجنة؟، تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فيقول الله: «أسلم عبدي واستسلم»، وقد شرع للعبد إذا قال المؤذن حي على الصلاة أن يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنه هو الذي يقدره على أن يستجيب للنداء فيذهب إلى المسجد، فالمرء وإن كان مطلوبا منه الالتزام بما كلف به، ومؤاخذ على التفريط فيه؛ فإنه مفتقر إلى الله في كل حركة من حركاته، وكل تحول بمعنييه، وتقلبه في أمره كله، فافتقاره إلى الله قائم ودائم في كل شؤون حياته، إذ لا حول له ولا قوة إلا بالله، والحول الحركة وهي حسية ومعنوية، فلا تحول من معصية إلى طاعة، ولا من طاعة إلى معصية، ولا في تحصيل خير، أو دفع ضر، إلا بمشيئة الله وإقداره، فإنه هو الميسر، فلا سهل إلا ما جعله الله سهلا، وهو إذا شاء جعل الحزن سهلا، والعبد لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن، وقد كان أكثر دعاء النبي أن يقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»، رواه أحمد والترمذي عن أم سلمة -رضي الله تعالى عنها-، وقد فرض الله علينا الدعاء بالهداية في كل صلاة، بل في كل ركعة من ركعات الصلاة، لم يختر لنا دعاء غير هذا، ولم يستثن منه صالحا ولا وليا ولا نبيا، قال الله تعالى: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢)[فاطر: ٢] فعلى العبد أن لا يفارق ذهنه هذا الأمر كيفما كان حاله من حسن أو من قبح، ولا ينبغي أن يمنعه الذنب من استحضار هذه المعاني شرط أن لا تقوده إلى التسويف والاحتجاج بها على الاستمرار على المعصية، ولا أن ييأس من روح

<<  <  ج: ص:  >  >>