ومن الحكمة في اللعق أن فيه تواضعا، وفيه حرص على عدم إضاعة المال، ولو قليلا، ولجهل البركة في الطعام أين تكون؟، ومن الحرص على عدم إضاعة المال الأمرُ بأكل اللقمة إذا سقطت بعد إماطة الأذى عنها وعدم تركها للشيطان، وقوله حسن أن تلعق،،، حسن خبر مقدم، والمبتدأ هو المصدر المنسبك من أن المصدرية ومدخولها، يريد أنه يستحب لعق الأصابع من إطلاق البعض على الكل، وإنما تلعق الثلاثة التي يؤكل بها، وهي الإبهام والسبابة والوسطى، ويترك الأكل بأكثر منها إلا عند الحاجة ككون الطعام لا يعالج إلا بما زاد، وقد روى أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي عن أنس أن النبي ﷺ كان إذا طعم طعاما لعق أصابعه الثلاث، وقال:«إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها، ولا يدعها للشيطان»، وأمرنا أن نسلت الصحفة، وقال:«إن أحدكم لا يدري في أي طعامه يبارك له»، هذا لفظ أبي داود، وروى الشيخان وغيرهما عن ابن عباس ﵄ أن النبي ﷺ قال:«إذا أكل أحدكم فلا يمسح يده حتى يَلعقها، أو يُلعقها»، أي يلعقها غيره ممن لا يتقذر ذلك كالزوجة والولد وغيرهم متى علم ذلك منهم.