للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحدى عشرة سجدة، وإسناده واه».

ومنها قول ابن عباس : «لم يسجد رسول الله في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة»، رواه أبو داود (١٤٠٣)، وسكت عليه، وفيه أبو قدامة، وهو الحارث بن عبيد، وقال النووي «ضعيف الإسناد، ومع كونه ضعيفا مناف للمثبت المقدم عليه، فإن إسلام أبي هريرة سنة سبع، وقد ذكر أنه سجد مع النبي في الانشقاق وإقرأ، وهما من المفصل، على أن الترك يحتمل أن يكون لسبب من الأسباب».

ومنها حديث زيد بن ثابت قال: «قرأت على رسول الله النجم فلم يسجد فيها»، رواه الشيخان، وأبو داود (١٤٠٤)، وقال: «كان زيد الإمام فلم يسجد فيها»، يعني لما لم يسجد زيد وهو القارئ؛ لم يسجد النبي ، لأن القارئ إمام عند بعضهم في سجود التلاوة.

وما أوردوه من الأدلة إما ضعيف كما علمت، وإما صحيح لا ينتج المطلوب، ومع ذلك فهي معارضة بما ثبت عن أبي هريرة أنه سجد خلف النبي في الانشقاق والعلق، وإسلامه كان عام خيبر، زيادة على أنه مثبت، والمثبت مقدم على النافي.

فالذي يظهر أن الصواب: هو الرواية الثانية عن الإمام أعني رواية ابن وهب عنه أن السجود في أربع عشرة سجدة، بزيادة سجدات المفصل الثلاثة، وهو الذي رآه ابن العربي والباجي، بل ذكر ابن العربي في (العارضة ٣/ ٥١) رواية المدنيين عن الإمام السجود في خمسة عشر موضعا بما في ذلك السجدة الثانية في الحج، وقواها.

لكن يظهر أن الجمع بين الروايتين ممكن اعتمادا على قول الإمام في الموطإ (٤٨٤): «الأمر عندنا أن عزائم سجود القرآن إحدى عشرة سجدة، ليس في المفصل منها شيء»، ومعناه أن الإحدى عشرة أمرها أوكد من الثلاثة الباقية، ولهذا روي عنه أنه كان يسجد في بعضها في خاصة نفسه.

وقد نقل الباجي في المنتقى ما يشير إلى هذا الجمع عن القاضي أبي محمد أن مالكا لا يمنع السجود في المفصل، وإنما يمنع أن يكون من عزائم السجود، وإنما وصفت بذلك للعزم على الناس على السجود فيها» وأبى هذا المعنى ابن العربي في المسالك، وفي كلام

<<  <  ج: ص:  >  >>