١٨ - «ولا صيام على الصبيان حتى يحتلم الغلام، وتحيض الجارية، وبالبلوغ لزمتهم أعمال الأبدان فريضة، قال الله سبحانه: «وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا».
هذا مما لا خلاف فيه، لأن الصبي ممن رفع عنهم التكليف، وقد سبق ذكر الحديث الذي رواه الترمذي (١٤٢٣) عن علي ﵁ مرفوعا: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل»، وبلوغ الأطفال يكون بأمور بعضها مشترك بين الجنسين، وبعضها خاص بكل منهما، فالمشترك نزول المني، ونبات شعر العانة، والخاص الحمل والحيض، وقيل إن الحمل ليس علامة، لأنها لا تحمل إلا وقد أنزلت، فيقال: الأمر كذلك، لكنه علامة ظاهرة على البلوغ، فيستند إليها في الأحكام التي للقاضي والإمام رعايتها، وذلك لا يعني براءة الذمة من التكاليف التي فرط فيها قبل ذلك، بل عليه أن يقدر الوقت الذي فات، ويتدارك ما فرط فيه، فإن لم يظهر شيء من ذلك؛ فببلوغ ثمانية عشر عاما، وقال ابن وهب هو خمس عشرة سنة، ووجه الأول أنه سن لا يبلغه أحد إلا أدرك.
قال في النوادر (في صيام الصغير): «والمعروف من قول مالك وأكثر أصحابه إذا فقد الحيض والاحتلام والإنبات؛ رفعا إلى سن لا يبلغه أحد إلا احتلم، وذلك من سبع عشرة سنة إلى ثماني عشرة سنة، وقد أجابوا عن إجازة النبي ﷺ ابن عمر يوم الخندق وعمره خمس عشرة سنة؛ بأنه نظر إلى إطاقته القتال، وذلك أمر ظاهر للعين، ولم ينظر إلى بلوغه الاحتلام، فإذا بلغ الأطفال ذلك؛ وجب عليهم ما يجب على سائر المكلفين، لقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [النور: ٦٠]، ووجه الدلالة منها أن الله تعالى لم يوجب عليهم الاستئذان فيما قبل الاحتلام إيجابه على الكبار، ثم أخبر أن ذلك واجب عليهم مثل الكبار إذا بلغوا الحلم، وأوامر الله تعالى التكليفية جنس واحد، فإذا وجب شيء منها؛ وجب غيره ما لم