للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

١٠ - «وينصت للإمام في خطبته ويستقبله الناس».

أما الإنصات فلأن الله تعالى أمر بالسعي إلى ذكره، ومن ذكره الخطبة، ولأن النبي قال: «إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت»، رواه مالك (٢٢٨) والشيخان وأبو داود (١١١٢) عن أبي هريرة، وقوله لغوت؛ قيل معناه تكلم، وقيل عدل عن الصواب، والقول بأن معناه تكلم لا يصلح لتفسير المراد من الحديث، فإن كونه تكلم معلوم من قوله إذا قلت،،، الخ، والصواب: أن اللغو الكلام الساقط المردود، والمقصود أنه اعتبر أمر المرء غيره بالإنصات وقت الخطبة لغوا، وهذا تشديد بالغ في مطلوبية السكوت، حيث انقلب المعروف منكرا، والمقصود سد الذريعة أمام كثرة الكلام، لأن المأمور بالإنصات قد يراجع الآمر فيضطرب حبل النظام، وقال مالك في الموطإ (٢٣٠) قال ابن شهاب: «خروج الإمام يقطع الصلاة، وكلامه يقطع الكلام».

وقد استثنوا من وجوب الإنصات ما إذا لغا الخطيب، أو سب من لا يجوز سبه، فلا يجب في هذه الحال، وهو قول ابن حبيب، وقال مالك في رواية علي عنه: «وإذا شتم الإمام الناس ولغى؛ فعلى الناس الإنصات ولا يتكلمون»، انتهى، وهذا منظور فيه إلى أن تقليل الشر مقصد شرعي إذا لم يمكن غيره.

وأما استقبال الإمام وهو يخطب؛ فمن تمام الإنصات إليه، والانتفاع بالموعظة والتذكير، والاهتمام بالتحذير والتبشير، ولأنه ترك استقبال القبلة للإقبال عليهم بوجهه، فكيف لا يستقبلونه؟، والمذهب وجوب استقبال الخطيب لا فرق بين الصف الأول وغيره، قال مالك في الموطإ: «السنة عندنا أن يستقبل الناس الإمام يوم الجمعة إذا أراد أن يخطب من كان منهم يلي القبلة وغيرها»، لكن قال خليل : «واستقبله غير الصف الأول»، وروى الترمذي (٥٠٩) وضعفه - من أجل محمد بن الفضل - عن عبد الله بن مسعود قال: «كان رسول الله إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا»، وعلق

<<  <  ج: ص:  >  >>