وقد روى مسلم (١٠٨٧) وأبو داود (٢٣٣٢) والترمذي عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، واستهل علي هلال رمضان، وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني ابن عباس، ثم ذكر الهلال فقال:«متى رأيتم الهلال»؟، فقلت:«رأيناه ليلة الجمعة»، فقال:«أنت رأيته ليلة الجمعة»؟، فقلت:«رآه الناس، فصاموا وصام معاوية»، فقال ابن عباس:«لكن رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين يوما، أو نراه»، فقلت:«ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه»؟، قال:«لا، هكذا أمرنا رسول الله ﷺ»، لكن مع هذا؛ فالحديث لا حجة فيه لمن قال إن لكل بلد رؤيتهم، فإن قول ابن عباس ﵄«هكذا أمرنا رسول الله ﷺ»؛ اجتهاد منه في فهم حديث رسول الله ﷺ الذي رتب فيه وجوب الصوم والإفطار على رؤية الهلال، وقد أخذ به الشافعي ﵀ في قوله باختلاف المطالع وعدم لزوم الصوم للجميع، وانظر ما قاله في ذلك الشوكاني في نيل الأوطار فقد بين أن لا حجة فيه على ذلك.
ومن الأمور التي يتساءل عنها في هذا العصر أن المسلمين في بلاد الكفار يطلب منهم أن يخبروا بيوم عيدهم مسبقا حتى يتأتى للشركات والهيآت ترتيب عطل العبد التي هي حق لهم، فيقال إن من كان منهم مخالفا للشرع بإقامته فعلى نفسه جنى، ومن كان أصله من تلك البلدان فهذا مستضعف، فعيده هو عيد المسلمين، وإن أخذ العطلة بحساب الفلك فيرجى.