١٠ - «ولا تبتدأ اليهود والنصارى بالسلام فمن سلم على ذمي فلا يستقيله».
قالوا إنما نهي عن ذلك لأن السلام إكرام وتحية، وإكرام الكافر لم يَرِدْ في الشرع، والصواب أن يقال إن إكرام الكافر بهذا اللفظ وهو التسليم لم يأت به الشرع، فالتسليم بهذا اللفظ يخص المسلم عند الجمهور، فإن الإحسان إلى الكافر غير المحارب مشروع كما تقدم، والشرع استثنى أمورا من ذلك.
وقوله فلا يستقيله، أي فلا يشرع له أن يطلب منه إقالته، أي رد سلامه عليه لأن ذلك غير ممكن، أو المراد أنه لا يقول له لم أعرفك فسلمت عليك، وقد تراجعت عن التسليم، وقد نقل عن ابن عمر أنه يستقيله، وأباه مالك، والظاهر أنه إن خشي من ذلك سوء فهم كأن يظن به أنه يسلم على الكفار فعل، وقد روى أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال:«لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه»، واضطرارهم إلى أضيق الطريق لا يلزم اليوم لأنه غير ممكن لما ينشأ عنه من المفاسد، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز ابتداء الكافر الذمي بالسلام، قيل لسفيان بن عيينة: هل يجوز السلام على الكافر؟، قال: نعم، قال الله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ (٨)﴾ [الممتحنة: ٨]، وقال: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ (٩)﴾ [الممتحنة: ٩]، وقال إبراهيم لأبيه سلام عليك»، انتهى بالنقل عن تفسير القرطبي، ونقل عن إبراهيم النخعي قوله:«إذا كانت لك حاجة عند يهودي أو نصراني فابدأه بالسلام، وقال: فبان بهذا أن حديث أبي هريرة «لا تبدؤوهم بالسلام»، إذا كان لغير سبب يدعوكم إلى أن تبدؤوهم بالسلام، من قضاء ذمام أو حاجة تعرض لكم قبلهم، أو حق صحبة أو