٠٥ - «ولا بأس بالاكتواء والرقى بكتاب الله وبالكلام الطيب»
سبق الحديث عن الكي، ولعله إنما أعاد ذكره بصيغة أخرى ليفيد جواز طلب ذلك كما يجوز فعله بالغير، ومما جاء فيه حديث جابر قال:«بعث رسول الله ﷺ طبيبا إلى أُبَيِّ بن كعب فقطع منه عرقا ثم كواه»، رواه أحمد ومسلم، وقد يكون هذا الكي لإيقاف الدم كما سبق، ومن الرقية بالقرآن الرقية بالفاتحة، وذكر أبو الحسن في شرحه أن الرقية بها تنتهي إلى قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)﴾، لأن ما بعدها دعاء، وإنما يرقى بالمناسب، وقال الشيخ علي العدوي:«ليس المراد بكل جزء من أجزائه، بل بما يناسب ذلك، فخرج نحو آية الدين»، وقد سبقه إلى ذلك الشيخ النفراوي في شرحه، وقد ذكر النفراوي وغيره أن مما يرقى به كثيرا آيات الشفاء الستة، يقصد الآيات التي ذكر فيها لفظ الشفاء أو الفعل منه، وهي في سور: التوبة، ويونس، والنحل، والإسراء، والشعراء، وفصلت، ولم أقف على ما يقيد الرقية بهذا، فهو محض رأي، فأما أن الرقية بفاتحة الكتاب يوقف بها قبل الدعاء فهو رأي كذلك، والوارد في الحديث الرقية بها كلها، كما في حديث أبي سعيد الخدري أن ناسا من أصحاب رسول الله ﷺ كانوا في سفر، فمروا بحي من أحياء العرب، فاستضافوهم فلم يضيفوهم، فقالوا لهم:«هل فيكم من راق»؟، فإن سيد الحي لديغ أو مصاب»؟، فقال رجل منهم:«نعم»، فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب، فبرأ الرجل فأعطي قطيعا من غنم، فقبِلها ولكن أبي تملكها والانتفاع بها، وقال:«حتى أذكر ذلك للنبي ﷺ، فأتى النبي ﷺ فذكر له ذلك، فقال: «والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب»، فتبسم وقال:«وما أدراك أنها رقية»؟، ثم قال:«خذوا منهم، واضربوا لي بسهم معكم»، ورقية الرجل بفاتحة الكتاب من غير علم مسبق له بذلك تدل على أنهم لم يكونوا يفرقون بين سور القرآن في الرقية، وقول النبي ﷺ:«وما أدراك أنها رقية»، هو تعجب من وقوفه على أنها رقية، ولعله أخذ ذلك من كونها تقرأ في كل ركعة، فعرف أن لها مزية وبخاصة أن كل مسلم ينبغي له حفظها، فيتمكن كل أحد من ذلك، وقد جاء في رواية الدارقطني في جواب الرجل:«شيء وقع في روعي»، وهو بضم الراء أي في نفسي، لكن ذلك لا ينفي أن يرقى بغيرها، وقال