للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٠٧ - «وله أن يكفر قبل الحنث، أو بعده، وبعد الحنث أحب إلينا».

جواز التكفير قبل الحنث هو مشهور المذهب، وروى أشهب عن مالك عدم الإجزاء، ذكره القرطبي في التفسير، وظاهر المدونة (٢/ ٣٨) الإجزاء، وهذا وجه استحسان المؤلف التكفير بعد الحنث، لأن الأصل في الكفارة التأخر عن الموجب، فإنها إنما وجبت سترا للمخالفة بعدم البر الذي هو الأصل، أو هي بدل عن البر، لكن من عزم على عدم الإبرار بيمينه؛ جاز له أن يكفر قبل وقوع الحنث، لقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾، وإن كان الظاهر أنه من دلالة الاقتضاء، ومعناها هنا أنه لا بد من تقدير محذوف ليصح به الكلام شرعا، فإن الكفارة مرتبة على الحنث، لا على مجرد الحلف، فيكون المعنى: إذا حلفتم وأردتم الحنث، أو حنثتم، واستدل بعضهم على جواز تقديم الكفارة على الحنث بقوله تعالى: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾، ووجهه أن من حنث؛ فقد انحلت يمينه، فإذا كفر بعد الحنث؛ فلا يقال إن الكفارة تحلة ليمينه، وإنما يقال عنها إنها كفرت ما في الحنث من سبب الإثم لنقضه ما التزمه أو حلف عليه، ذكر ذلك ابن تيمية عن بعض أهل العلم.

ومما يدل على جواز تقديم الكفارة على الحنث قول النبي : «وإني والله - إن شاء الله - لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها؛ إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير»، رواه الشيخان وأبو داود (٣٢٧٦) عن أبي بردة عن أبيه، وهو في المدونة، وجاء ذلك من حديث عبد الرحمن بن سمرة عن الشيخين وأبي داود (٣٢٧٧) مرفوعا: «إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها؛ فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير»، وفي رواية بلفظ: «إذا حلفت على يمين؛ فكفر عن يمينك، ثم ائت الذي هو خير»، وهو في سنن النسائي مع شرح السيوطي (٨/ ١٠)، وهو عند أبي داود أيضا لكن على الشك، والضمير المؤنث في

<<  <  ج: ص:  >  >>