الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وصفوته من خلقه، سيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واتبع هداه، أما بعد: فإن هذه هي الطبعة الثالثة لكتاب العجالة في شرح الرسالة، عدا المقدمة العقدية، فهي طبعتها الرابعة، وتوالي الطبعات تعظم معه مسؤولية المؤلف عن الأوهام والأخطاء وسائر الهَنات التي ينبغي أن تقل في الكتاب أو تختفي، لهذا فقد أعدت قراءة ما كتبت، وتداركت ما علمته فيه من خطإ في الطبع، أو زلل في القول، أو تقليد خاطئ في العزو، أو إغفال للتخريج، أو سكوت عن قول قام الدليل على خلافه، وغير ذلك مما يقع فيه الكاتب، ولا يخلو منه كتاب غير كتاب الله تعالى، لكني لم أبلغ مرادي مع ذلك لما أنا عليه خصوصا، ثم لطبيعة العمل نفسه، فإن الشروح تتناول في الغالب الفروع الفقهية التي غالبها ظنون، فتكثر فيها الآراء، ويعظم الاختلاف في التوجيه والتعليل، وقد يتراجع المرء اليوم عما اعتمده أمس، مع أن هذا ليس بالظن المذموم، وقد كلفتني هذه المراجعة مشقة لا كفاء لها إلا ما أؤمل من أجر ربي وثوابه، وهو ذو الفضل العظيم.
والفقه المذهبي الذي يزعم بعض الناس أني من المتعصبين له بما رأوه من كتابتي لهذا الشرح، وهو عمل يسير ضئيل، ومن هم على النقيض من قولهم، أولئك الزاعمون أني اصطنعته مطية لنشر مذهب وافد كما قالوا هو الوهابية أو غيرها، وأني أتستر به لأبث شيئا غريبا عن الفقه المالكي، أقول في جواب الفريقين مبعدا النجعة: إن هذا الدين لما كان هو عهدَ الله الأخير للبشرية، وصراطَه القويم الذي ارتضى للمؤمنين المواثقة عليه، والسير