٠٨ - «ويزكى الزيتون: إذا بلغ حبه خمسة أوسق؛ أخرج من زيته، ويخرج من الجلجلان وحب الفجل من زيته».
استدلوا على وجوب زكاة الزيتون بقول الله تعالى: ﴿وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١]، فإن الحق المذكور يراد به الزكاة، إذ لا يجب غيرها، وقيل إنه حق آخر كان واجبا قبل فرض الزكاة ثم نسخ.
فإن قيل: إن سورة الأنعام مكية والزكاة إنما فرضت في المدينة؛ فالجواب: أنه لا يمتنع أن تكون الزكاة قد فرضت بمكة جملة، ثم فصلت بقية أحكامها من نصاب ومقدار بالمدينة، لكن يرد على هذا الاستدلال أن الرمان ذكر مع الزيتون، والمستدلون لا يقولون بوجوب الزكاة فيه، كيف والضمير في قوله ﴿حَقَّهُ﴾ شامل لهما ولما معهما، واستدلوا أيضا بعموم حديث:«فيما سقت السماء العشر»، ولا يستقيم لهم، لأنهم يُلزَمون القول بتزكية غير الزيتون، مما يدخل في العموم، وقد يتفصون من هذا الإلزام بقولهم خصصنا ذلك العموم بالقياس لأن الزيتون مقتات، لكن نازعهم في ذلك أيضا بعض أهل العلم، ومنهم العز بن عبد السلام.
وأشف ما يستدل به لزكاة الزيتون أمران أولهما قول ابن شهاب ﵀:«مضت السنة في زكاة الزيتون؛ أن تؤخذ ممن عصر زيتونه حين يعصر»، وقد رواه عنه جمع منهم سحنون، وابن أبي شيبة، ويحي بن آدم، وقد قيل إنه أصح ما في الباب كما في التلخيص الحبير، لكن قول التابعي من السنة ليس له حكم الرفع، وهو على كل حال يفيد انتشار هذا الأمر في عهد التابعين والعمل به، وقد روي أخذ الزكاة من الزيتون عن ابن عباس ولم يصح عنه، والثاني من جهة القياس، وهو اعتبار زيت الزيتون مقتاتا مدخرا، فتجب فيه