العدة هي المدة التي وقتها الشارع للمطلقة أو المتوفى عنها بحيث يمتنع فيها النكاح، فرضها الله تعالى لحفظ الأنساب، وتوسعة على الأزواج في مراجعة مطلقاتهم إن أرادوا إصلاحا متى كان الطلاق رجعيا، وقد لا يكون للزوج خلالها سبيل على المرأة كالمعتدة من خلع في المذهب، وكالتي يطلقها القاضي إلا في حال العسر بالإنفاق وحالة الإيلاء، وقد ذكر المؤلف حرمة نكاح المرأة وقت العدة، والشارع قد منع التصريح لها بالخطبة في العدة فكيف بما هو أعظم منها، إلا إذا كان من يريد نكاحها زوجها الذي طلقها، ومتى عقد على من كانت في العدة؛ فالعقد باطل، وإن دخل بها؛ فسخ النكاح وتأبد تحريمها في المذهب، قال الله تعالى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٣٥)﴾ [البقرة: ٢٣٥]، وهذا تحريم لخطبة المعتدة من وفاة، ومثلها سائر المعتدات، وحيث حرم الله تعالى الخطبة كان تحريم العقد أولى، وفوقهما حرمة الدخول والبناء، ومع ذلك لم يكتف في كتاب الله تعالى بدلالة مفهوم الأولى فيهما حتى نص على تحريم العقد كما ترى في الآية.
وعمدة المشهور في تأبيد تحريم من دخل بها في العدة ما رواه مالك (١١٢٧) عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أن طليحة الأسدية كانت تحت رشيد الثقفي فنكحت في عدتها، فضربها عمر بن الخطاب، وضرب زوجها بالمخفقة ضربات وفرق بينهما، ثم قال:«أيما امرأة نكحت في عدتها؛ فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها؛ فرق بينهما … ، وفي نهاية الأثر قول عمر ﵁: «ثم لا يجتمعان أبدا»، وهو في مصنف عبد الرزاق