عن نفسه الأذى، وهو في النهاية لا بن الأثير باختصار، ومفهوم هذا أن ما كان من غير ما نهاه عنه مما يصلح للتطهر؛ فهو جائز.
أما حك اليد بالأرض فيدل عليه في الجملة حديث أبي هريرة قال:«كان النبي ﷺ إذا أتى الخلاء أتيته بماء في تور، أو ركوة فاستنجى، ثم مسح يده على الأرض، ثم أتيته بإناء آخر فتوضأ»، رواه أبو داود (٤٥)، وفيه شريك وهو صدوق يخطئ كثيرا، وقد حسنه الألباني.
وقوله:«ويسترخي قليلا»، الاسترخاء مما يساعد على الاستبراء، وهو واجب في المذهب، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ومقابل الاسترخاء الاستيفاز والانقباض، إذ قد يتخلف معهما شيء من الفضلات في المخرجين، فإذا قام أمكن أن ينزل، ومن فعل ذلك فقد يصدق عليه أنه لا يستنزه من البول ولا من غيره، وقد جاء الوعيد على عدم الاستنزاه من البول في الحديث الصحيح بعذاب القبر.
أما قوله:«وليس عليه غسل ما بطن من المخرجين»؛ فلأن النجاسة المطلوب إزالتها إنما هي ما ظهر لا ما بطن، وفعل ذلك من التعمق والتنطع الذي يقود إلى الوسواس، ومن هذا القبيل سلت الذكر ونتره، والأول إمرار الإصبع إمرارا خفيفا على قناة البول حتى ينزل ما فيها، والثاني جذب الذكر من الكمَرة وإرساله بخفة.
قال خليل:«ووجب استبراء باستفراغ أخبثيه مع سلت ذكر ونتر خفا».
وقد ورد في النتر حديث عيسى بن يزداد اليماني عن أبيه قال، قال رسول الله ﷺ:«إذا بال أحدكم فلينتر»، رواه ابن ماجة (٣٢٦)، والظاهر إرساله مع ضعف بعض رواته، قال في الزوائد:«يزداد لا يصح له صحبة، وزمعة ضعيف»، وقال الحافظ:«سنده ضعيف»، وقد استدل لمشروعية النتر بالأمر بالانتضاح الذي سيأتي، وليس بشيء، أما السلت فليس مما يفيد في الاستبراء، بل تترتب عليه مضار، فإن الذكر بمثابة الضرع إذا تركته قر، وإذا حلبته در، بل فعل ذلك بدعة كما صرح به ابن تيمية، ومن كان سليم البنية؛ فإنه يعلم من نفسه نزول ما في مخرجيه دون حاجة إلى شيء مما ذكر، أما الموسوَس فسبيل علاجه عدم الالتفات إلى الوسواس، ومن لم يفعل فعلى نفسه جنى، ولعله لذلك كان مشروعا