للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٦٤ - «ولا يجوز بيع ما ليس عندك على أن يكون عليك حالاًّ».

لما بين أن السلم يجب أن يكون المسلم فيه مؤخرا بين هنا مفهوم ذلك، ودليل المنع حديث حكيم بن حزام قال: أتيت رسول الله فقلت: «يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي، أبتاع له من السوق ثم أبيعه؟، قال: «لا تبع ما ليس عندك»، روا أحمد وأصحاب السنن الأربعة، وقد تقدم حديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك»، وما ليس عندك يحتمل أن يكون المراد ما لا تملكه، وهذا هو الذي دل عليه الحديث بسياق السؤال، ويحتمل أن يشمل بعمومه ما تملكه غير أنه غائب، لكن الغائب قد علمت جواز بيعه على الوصف وما فيه، وما لا يملكه قد علمت جواز بيعه على وجه السلم، فيكون المقصود بما ليس عندك في الحديث ما ليس في ملكك متى بعته عينا، لا موصوفا في الذمة، أو تملكه مع عجزك عن تسليمه فقد تتضرر أنت إن كان الثمن أكثر مما بعته به، أو يتضرر مشتريه إن كان ثمنه منخفضا، وليس بالبعيد أن يشمل النهي ما لم تقبضه، وبهذا يجمع بين الأحاديث الواردة في هذا الأمر، الظاهرة التعارض، ولذلك قيد المؤلف المنع من بيع ما ليس عندك بأن يبيعه حالا أجله، بخلاف ما إذا باعه إلى أجل فإنه يكون سلما مضمونا وهو جائز، وينبغي أن ينبه هنا إلى الفرق بين أن يبيع المرء ما ليس عنده كما تقدم في سبب ورود الحديث، وبين أن يطلب منه شخص شيئا فيشتريه ليبيعه له بعد شرائه، فهذا غير الأول وهو جائز، لكن العقد إنما يتم حينئذ، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>