رفع اليدين في الصلاة عند الافتتاح وغيره خضوع واستكانة وابتهال وتعظيم لله تعالى واتباع لسنة نبيه ﷺ، هكذا قال ابن عبد البر، وقال بعض العلماء: إنه من زينة الصلاة، والمنكبان تثنية منكب، بفتح الميم وكسر الكاف، وهو مجمع العضدين بالكتفين، ورفع اليدين حذوهما يكون بجعل ملتقى الكف بالذراع عندهما، فتكون الأصابع حذو الأذنين، وهذا الرفع متواتر عن النبي ﷺ في افتتاح الصلاة، وعند الركوع، وعند الرفع منه، فقد وصف أبو حميد الساعدي صلاة النبي ﷺ بمحضر عشرة من أصحابه ﵃، فأقروه على وصفه، ومن جملة ما ذكره أنه كان يرفع يديه في المواطن الثلاثة حتى يحاذي بهما منكبيه، وهو في الصحيح، وسنن أبي داود (٧٣٠)، في الصحيحين والموطإ (١٦٠) من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله ﷺ كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما أيضا، وقال سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، وكان لا يفعل ذلك في السجود».
قال ابن عبد البر في (الاستذكار ١/ ٤٠٧): «هكذا رواية يحي لم يذكر الرفع في الركوع، وتابعه من رواة الموطإ جماعة، وروته أيضا جماعة عن مالك، فذكرت فيه رفع اليدين عند الافتتاح، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، وكذلك رواه أصحاب ابن شهاب، وهو الصواب»، والمشهور في المذهب أن لا رفع إلا عند تكبيرة الإحرام، لكن للإمام مالك عند الركوع والرفع منه ثلاثة أقوال ذكرها ابن رشد في المقدمات: عدم الرفع، واستحبابه، والتخيير فيه.
قلت: التخيير مستوي الطرفين لا محل له في العبادات، وعدم الرفع هو رواية ابن القاسم عنه في المجموعة، وروى عنه ابن القاسم في العتبية إثباته، ثم معارضته بعدم العمل به في المدينة، وفي سماع ابن وهب قيل لمالك: «أيرفع يديه إذا ركع، وإذا رفع رأسه من