١٥ - «ويأكل الرجل من أضحيته، ويتصدق منها أفضل له، وليس بواجب عليه».
ما يقدمه المسلم من الذبائح على وجه القربة لله تعالى بعضه يشرع له أن يأكل منه، وكذا التصدق والإهداء، وهو قسمان: ما أصله الأكل كالأضحية، وما أصله عدمه كالهدي، والثاني ما لا يباح له الأكل منه، والأضحية من الأول، بل إنها في الأصل لذلك، بل يندب لأمر الله تعالى وأمر رسوله ﷺ بذلك، لكن ينبغي أن لا يترك التصدق منها، وإن جمع بين الأكل والتصدق والإهداء فهو أفضل، وليس لهذه الثلاثة حد، وقيل لو جعل أضحيته ثلاثة أقسام فحسن، وإن اقتصر على الأكل أجزأته، وترك ما هو مستحب، قال الله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨)﴾ [الحج: ٢٨]، وهذا في البدن التي تهدى، والأمر فيه للاستحباب، ولو لم يكن الأكل متأكدا ما تلكف النبي ﷺ أخذ بَضعة من كل نوقه التي أهداها، وعددها كثير، ووضعها في البرمة ليأكل من جميعها، والأضحية أولى أن يؤكل منها، وعن ثوبان قال:«ذبح رسول الله ﷺ أضحيته، ثم قال: يا ثوبان أصلح لي لحم هذه، فلم أزل أطعمه منه حتى قدم المدينة»، رواه أحمد ومسلم (١٩٧٥)، وفيه حجة على مشروعية الأضحية للمسافر، وقد جاء ذلك في حديث ابن عباس عند الترمذي، وفي حديث بريدة عند أحمد ومسلم (١٩٧٧) والترمذي (١٥١٠) واللفظ له قال رسول الله ﷺ: «كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث، ليتسع ذوو الطول على من لا طول له، فكلوا ما بدا لكم، وأطعموا وادخروا»، والطول بفتح الطاء وسكون الواو القدرة، وفيه وفي الحديث الذي قبله اجتماع القول والفعل على جواز ادخار لحوم الأضاحي، وأن المنع من ادخارها منسوخ.
والمشهور أن إطعام الكافر من الأضحية مكروه، وقيده بعضهم بما إذا كان ينقلب به