٤١ - «وكذلك طلب العلم فريضة عامة يحملها من قام بها إلا ما يلزم الرجل في خاصة نفسه».
من العلم ما هو فرض كفاية، ومنه ما هو فرض عين، فأما الأول فهو ما لا بد للمسلم منه من معرفة ربه بتوحيده وعبادته، وصحة عقيدته، وكيفية القيام بما هو مفروض عليه مما يشترك المسلمون فيه، كالصلاة والصيام، أو مما يختص به بعضهم دون بعض، كالزكاة والحج والزواج والبيع، فمن احتاج إلى شيء من ذلك تعين عليه تعلمه قبل فعله، لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦)﴾ [الإسراء: ٣٦] ولقول رسول الله ﷺ: «طلب العلم فريضة على كل مسلم»، رواه ابن عدي والبيهقي عن الحسين بن علي ﵄، وابن عبد البر عن أنس بزيادة:«وإن طالب العلم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر»، وهو في صحيح الجامع الصغير، وبهذا صح أن يقال إن كل مسلم عالم، ولهذا أيضا كان واجبا على كل مسلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما يعلمه من دينه، قال الخطيب في كتابه الفقيه والمتفقه:«فأما الأصول التي هي معرفة الله ﷾ وتوحيده وصفاته وصدق رسله فمما يجب على كل أحد معرفته، ولا يصح أن ينوب فيه بعض المسلمين عن بعض»، انتهى.
قلت: وينبغي للمسلم ولا بد أن يعرف معنى العبادة حتى لا يصرف شيئا منها لغير الله فيشرك به، لاتفاق الناس على أن العبادة خاصة بالله تعالى، وما أكثر الذين يصرفون صورة العبادة له سبحانه، ويصرفون لبها وروحها وهو التذلل والخضوع وكمال المحبة لغير الله بسبب جهلهم بمعناها.
وأما النوع الثاني فهو ما زاد على ذلك من التوسع فيما هو مفروض على كل المسلمين، أو فيما هو مفروض على من لابسه منهم، أو ما ليس من هذا ولا هذا، يستوي