الشاعر، ومن تخافون من لسانه»، رواه الديلمي وغيره عنه، وهو في الصحيحة برقم (١٤٦١)، وهذا يدخل في باب بذل الدنيا من أجل الدين، وقد دل عليه كتاب الله أيضا، وقد قال زهير:
ومن يجعل النعروف من دون عرضه • يفره ومن لا يتق الشتم يشتم
والهبة في المذهب قسمان: هبة ثواب وهي العطية يقصد بها صاحبها عوضا ماليا من الموهوب له، وهذه نوعان: الأول مصرح فيه بالغرض، وغير مصرح به، وسيأتي البيان، والثاني هبة لإكرام المعطى، فهذه خرجت مخرج الصدقة، وهي عطية يراد بها الثواب من الله تعالى، ولا يدخل في الهبة العارية والوقف والعمرى فإن الذات فيها باقية على ملك صاحبها، والذي أعطي إنما هو منفعتها، وهذا من التقريب لا من التحقيق، وإلا فإن الصدقة كما تكون بالذات تكون بالمنافع فتدخل فيها العارية وغيرها، والاصطلاح متى لم يعارض به الحق فلا ضير فيه.
وأحكام الهبة والصدقة والحبس واحدة، ومما تختلف الهبة عنهما أمران:
أحدهما: أنها تعتصر، أي يجوز أن يسترجعها الوالد من ولده كما سيأتي.
والثاني: أن الهبة يجوز الرجوع فيها بشرائها، ولا يجوز شيء من ذلك في الحبس والصدقة.
والثلاثة: تصح وتلزم بمجرد القول أو الفعل الدال على تبرع المالك بها، ويقضى على الفاعل بدفعها على المذهب، وليس له الرجوع فيها، وللمعطى بفتح الطاء أن يحوزها ولا يتوقف ذلك على إذن المعطي.
فيعتبر في الهبة القبول، وهو ركن فيها، والحيازة وهي شرط في تمامها، وقال بعضهم إنما اشترطت الحيازة خوفا من قول المعطي في مرضه مثلا «ادفعوا لفلان كذا، فإني كنت قد وهبت له قبل مرضي»، فيحرم الوارث، وهذا لا يجوز، وعلى هذا فلا يصح أن يؤخذ