للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقال عقب التشهد، وهو: «وأشهد أن الذي جاء به محمد حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق،،،»، وقوله: «اللهم صل على ملائكتك والمقربين، وعلى أنبيائك والمرسلين، وعلى أهل طاعتك أجمعين»، ومعظم المتبعين لمذهب مالك في بلادنا يلتزمونه، مع أنه لا يتفق مع تلك القاعدة التي هي عدم التحديد، فضلا عن كونه لم يرد في نص مرفوع، وقد قيل بعدم التحديد في أمور فيها تحديد، وفي مجال العبادات، مع أن التحديد أوفق بالعبادات.

أما إن قيل إن النبي قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو» (١) فهذه الزيادة من هذا القبيل قد اختارها هذا الإمام، فالجواب أن الشارع ترك الاختيار للمكلف نفسه، وفرق بين هذا، وبين أن يختار أحد شيئا، لجعله سنة للناس، وقد بالغ ابن العربي في إنكار هذا إذ قال: «وهذا من تحريف الشريعة وتبديلها»، نقلته عن شرح زروق، ولا يصح أن ينسب التحريف إلى ابن أبي زيد، لكن ذلك لا يمنع من القول برده.

[١١ - اصطلاح الرسالة في وصف الأحكام]

ومن مميزات هذا الكتاب ما درج عليه المؤلف من منهجية في وصف بعض الأمور من كونها فريضة، أو واجبة، أو سنة، أو سنة واجبة، أو واجبة وجوب السنن، فإن هذا مما انفرد به فيما أعلم.

وقد اختلف العلماء الذين شرحوا كلامه في توجيهه، فمنهم من قال أراد بقوله سنة واجبة أنها مؤكدة، فهو من المجاز كما ذهب إليه المقري ، وهذا وإن أمكن التأكد منه في بعض المواطن كما في وصفه العمرة بأنها سنة واجبة تارة، وتارة أخرى بأنها سنة مؤكدة، وكما قال في طهارة الثوب حين حكى الخلاف في وجوبه، أهو وجوب الفرائض أم وجوب السنن؟، فإنه في مواضع أخرى قد لا يتأتى ذلك فيه، فقد قال عن صلاة الخوف: «وصلاة الخوف واجبة أمر الله بها»، وقال عن القصر في السفر: «والفطر في السفر رخصة، والإقصار فيه واجب»، وأخذ منه بعضهم أنه يرى وجوب ذلك كما يبدو من كلام ابن الحاجب في كتابه جامع الأمهات، والظاهر أن هذا هو مراده، ولا سيما حين لا يذكر كلمة


(١) رواه البخاري (٨٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>