مؤخر عنها في الإخراج، وقيل إنما يكون المسح في السفر فقط.
ففي المدونة:«وقال مالك: «لا يمسح المقيم على خفيه، وقد كان قبل ذلك يقول يمسح عليهما، ويمسح المسافر، وليس لذلك وقت»، وهذه الرواية معارَضة بما قاله ابن وهب:«آخر ما فارقته عليه إجازة المسح في الحضر والسفر»، وقوله هذا مشعر بتقدم قول له بعدم جواز المسح في الحضر، والله أعلم.
وفي الفتح أن بعض العلماء حمل هذا القول منه على أنه كان يلتزمه في خاصة نفسه، ويفتي الناس بخلافه، والسياق كما ترى يأبى هذا، لكن ورد عنه ما قد يؤخذ منه ذلك، فقد روى ابن القاسم عنه أنه قال:«لا أفعله في الحضر، ولم يحفظ عن النبي ﵇، ولا عن الخلفاء أنهم مسحوا في الحضر»، فأنت ترى أنه اعتمد على عدم ثبوت النقل في الفعل، والظاهر أن هناك مسائل كان الإمام يراعي فيها ذلك، كالسجود في المفصل.
وثمة روايتان لابن وهب عنه: الأولى: نفي المسح مطلقا في الحضر، ففي المجموعة:«أقول اليوم مقالة ما قلتها قط في ملإ من الناس: أقام رسول الله ﷺ بالمدينة عشر سنين، وأبو بكر وعمر وعثمان في خلافتهم، فذلك خمس وثلاثون سنة، فلم يرهم أحد يمسحون، وإنما هي الأحاديث، وكتاب الله أحق أن يتبع ويعمل به»، والرواية الثانية: الإثبات مطلقا، وهي الحق، وعدم ثبوت الفعل في الحضر لا يدل على عدم المشروعية كما لا يخفى، وقد أشار القاضي عبد الوهاب إلى ثبوته من فعله ﷺ في الحضر بما رواه البيهقي عن بلال بن رباح أن رسول الله ﷺ مسح على الخفين في الحضر» (المعونة: ١/ ١٣٥)، فلينظر في ذلك.
ومن شرط المسح: أن لا يكون لابسه عاصيا به كالمحرم، فإن الخف لا يجوز لبسه له؛ إلا إذا لم يجد النعل، أماالعاصي بسفره؛ فالراجح في المذهب أنه يمسح.
قال الشيخ الصعيدي:«لأن الرخصة التي تباح في الحضر لا يشترط في جواز فعلها في السفر إباحته كأكل الميتة للمضطر».
ومن شرط جوازه: أن يلبس الخف على طهارة مائية كاملة، فلا يسوغ المسح إذا كانت طهارته بالصعيد، فقد قال مالك في غير موضع:«وإنما يمسح من أدخل رجليه في الخفين طاهرتين بطهر الماء»، يريد لا بطهر التيمم، ولعلهم قد بنوا ذلك على كون التيمم لا يرفع الحدث، ولا يصلى به إلا فريضة واحدة، فإذا تيمم ولبسه وصلى؛ فقد انتقض وضوؤه، فكأنه مسح على الرجلين وهما