للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٩ - «ثم تهوي ساجدا لا تجلس، ثم تسجد، وتكبر في انحطاطك للسجود، فتمكن جبهتك وأنفك من الأرض، وتباشر بكفيك الأرض، باسطا يديك مستويتين إلى القبلة، تجعلهما حذو أذنيك، أو دون ذلك، وكل ذلك واسع».

فيه تقديم اليدين قبل الركبتين في الهوي أي النزول للسجود، وأن لا يفصل النزول عن السجود بجلوس، ويستدل لتقديم اليدين في الهوي إلى السجود بحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله : «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه»، رواه أبو داود (٨٤٠)، وروى هو (٨٤١) والترمذي (٢٦٩) عنه أن النبي قال: «يعمد أحدكم فيبرك في صلاته كما يبرك الجمل»؟.

واعلم أن بروك الجمل يكون بتقديم يديه، وركبتاه فيهما، فمخالفته تكون بأن يقدم المصلي يديه؛ لأن ركبتيه ليستا فيهما، بل مع رجليه، وبذلك يتبين لك أن ما ظنه الحافظ ابن قيم الجوزية من كون الحديث مقلوبا ليس صحيحا، بل الأمر فيه واضح، لكون ركبتي البعير في قائمتيه الأوليين، وقد ذكر هذا بعض علماء اللغة، وركبتا الإنسان ليستا في يديه، وهذه الكيفية في النزول للسجود وفي القيام منه مع قيام الدليل الصحيح عليها؛ هي الأقرب إلى التواضع، وأليق بالخشية، مع ما فيها من اليسر، والبعد عن التكلف، واحتمال السقوط، ولذلك يستغرب قول من قال إن تقديم الرجلين أرفق بالمصلي، وقال الشيخ العلامة العثيمين في (الشرح الممتع ٣/ ١٥٦): «،،، الوضع الطبيعي للبدن أن ينزل شيئا فشيئا، كما أنه يقوم من الأرض شيئا فشيئا، فالأسفل منه ينزل قبل الأعلى، وإذا قام شيئا فشيئا؛ فالأعلى يكون قبل الأسفل، وعليه فيكون هذا الذي عليه عامة أهل العلم هو الموافق للمنقول والطبيعة»، انتهى.

قلت: بل الوضع الطبيعي في القيام والنزول هو تقديم اليدين نزولا وتأخيرهما صعودا، فهذا هو الذي نراه في قيام الناس وجلوسهم في غير الصلاة، لا يختلف في ذلك اثنان، يعتمدون على أيديهم ليسر ذلك عليهم، فإن الذي يرجع على صدور قدميه يوشك

<<  <  ج: ص:  >  >>