احتاج الأمر إلى خلق وتكليف، فالعلم المعلل به في تلك النصوص علم الوقوع والحصول طبقا للعلم الذي هو صفة من صفات الله الأزلية.
وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ [البقرة: ١٤٣]، قال ابن كثير:«إنما شرعت لك يا محمد التوجه أولا إلى بيت المقدس ثم صرفناك عنها إلى الكعبة ليظهر حال من يتبعك ويطيعك، ويستقبل معك حيثما توجهت ممن ينقلب على عقبيه».
وقوله:«المدبر القدير»، أي المتصرف في شؤون خلقه بقدرته سبحانه.
قال الراغب:«التدبير التفكير في دبر الأمور، يعني في عواقبها ونهاياتها»، انتهى، ومن يعرف عواقب الأمور ومآلاتها كيف لا يعرف حالها؟.
وقال صاحب المنار:«التدبير في أصل اللغة التوفيق بين أوائل الأمور ومباديها، وأدبارها وعواقبها، بحيث تكون المبادئ مؤدية إلى ما يريد من غاياتها، كما أن تدبر الأمر أو القول هو التفكر في دبره، وما وراءه، وما يراد منه، وينتهي إليه»(١).
قال الشيخ العباد:«وأما المدبر فلا أعلم ما يدل على أنه من أسماء الله، وقد جاء وصف الله تعالى بالتدبير كما قال الله ﷿: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ [الرعد: ٢]، وهو في مواضع عدة من كتاب الله، ومجيء صفة الفعل في الكتاب او السنة كما هنا لا يسوغ أخذ اسم منها لله تعالى»، انتهى، قلت: هذا لا يفبل في المخلوق، فإنه لا يقال لمن يأكل آكل، ولا لمن يشرب شارب، ومثله قائم ونائم، بحيث يصير ذلك اسما له لا مجرد وصف له يعتريه، ويفارقه، فكيف يشتق للخالق سبحانه من فعله اسما دائما له؟.
وقال الشيخ علي الصعيدي العدوي: قوله قال تعالى: «يدبر الامر»، أتى به دليلا على أن منها (يعني أسماء الله تعالى) المدبر، وفيه نظر، لأن الصحيح أنه لا يكفي في صحة الإطلاق ورود الفعل ولا المصدر، نَعَم، لا اعتراض على المصنف لأنه ورد في السنة اسم المدبر كما في الجامع الصغير»، انتهى، وهذا الذي قاله ﵀ بخصوص عدم الاكتفاء