للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ستة وخمسين نوعا، ثم بين موقعها من أوجه المنع، وهي خمسة أوجه، صفة العقد، وصفة المتعاقدين، وما يرجع إلى العوضين، وإلى حال العقد، وإلى وقت العقد، وبين أنها جميعا لا تخرج عن ثلاثة أقسام هي الربا والباطل والغرر، انظر أحكام القرآن (١/ ٢٤٤)، أما الربا في قوله تعالى: ﴿وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾، فإن الظاهر أن أل فيه للعهد، فالمراد به ربا الجاهلية الذي سيأتي كلام المؤلف عنه، أما بقية أنواع الربا فدليل تحريمها السنة، وقد أشار كتاب الله تعالى إلى رد شبهة الكفار في التسوية بين البيع والربا، فذكر أن البيع أحله الله، وأن الربا حرمه، مع ذكر الصدقة معه، ولأن المخاطبين كانوا يعلمون أن البيع فيه المعاوضة، وليس في الربا إلا الزيادة في الدين نظير التأخير في دفعه، واستغلال المرابي حاجة المحتاج للإثراء، وقد وصف الله الربا بأنه ظلم، وهذا كاف، وبهذا يعلم ما في قول بعضهم من أن القرآن لم يرد شبهة الكفار في التسوية بين البيع والربا، نعم إن الأصل التسليم لرب العالمين، ولا تقوم قدم الدين إلا عليه، وقد تصدى كثير من أهل العلم لبيان وجه الفرق بين البيع وربا الجاهلية، ومما قاله الشيخ الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير مع بعض تصرف: «مرجع الفرق بين البيع والربا إلى التعليل بالمظنة، مراعاة للفرق بين حال المقترض والمشتري، فقد كان الاقتراض لدفع حاجة المقترض إلى الإنفاق على نفسه وأهله، لأنهم كانوا يعدون التداين هما وكربا، وقد استعاذ منه النبي ، وحال التاجر حال التفضل، وكذلك اختلاف حال المسلف والبائع،،، فالتجارة معاملة بين غنيين، ألا ترى أن كليهما بذل ما لا يحتاج إليه وأخذ ما يحتاج إليه، فالمسلف مظنة الغنى، والمشتري مظنة الفقر»، انتهى، وقال أيضا: «حكمة تحريم الربا هي حمل الأمة على مواساة غنيها محتاجها احتياجا عارضا بالقرض، فهو مرتبة دون الصدقة، وهو ضرب من المواساة التي منها ما هو فرض كالزكاة، ومنها الندب كالصدقة والسلف»، انتهى.

وجاءت أحاديث كثيرة في تحريم الربا منها ما رواه أحمد ومسلم عن جابر قال: «لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه، وكاتبه، هم فيه سواء»، والآكل هو الآخذ، أكله أو لم يأكله، والموكل بالميم والواو المهموزة الساكنة، وتسهل فتصير حرف مد، هو الذي يعطي الربا، والكاتب والشاهد يعينان على الباطل، قال الأبي في شرحه على صحيح مسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>