١١٩ - «وجماع آداب الخير وأزمته تتفرع عن أربعة أحاديث: قول النبي ﵇: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت»، وقوله ﵇: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، وقوله ﵇ للذي اختصر له في الوصية:«لا تغضب»، وقوله ﵇:«المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه».
جماع الخير بكسر الجيم معناه جملته وما يحيط به ويجمعه، والأزمة جمع زمام بكسر الزاي هو ما يقاد به البعير، والمقصود ما يضبط تصرفات المرء بحيث لا يخرج عن الجادة التي في التزامها الخير له ولغيره، وما في هذه الأحاديث خصال منها الظاهر والباطن، وتشمل القول والفعل والقصد، وفيها حرص المرء على صلاح نفسه، وحسن صلته بغيره، فهو في الكلام بين أن يقول خيرا أو يصمت، وقول الخير منه الواجب ومنه المندوب ومنه المباح، وهو فيما يفعله أو يقوله بين أمرين ما يهمه ويعنيه لتوقف مصلحته المشروعة عليه، وبين ما ليس كذلك فيفعل الأول ويترك الثاني، وهو في مزاجه بين غضب ورضا، فليجتهد أن لا يغضب لما في ذلك من الإضرار بجسمه وخروجه في كلامه وتصرفاته عن حال اعتداله، فقد يقول ما لا يريد، ويفعل ما لا يرضى، أما فيما يحصل عليه من المنافع فإنه يحب لإخوانه المسلمين ما يحب لنفسه، وبهذا يكون بعيدا عن الحسد والبغضاء والشحناء ويسلم له قلبه ويرضى بما قدر له، فيكون ذا نفس رضية حتى ترجع إلى الله وهي مرضية.
وهذه الخصال كما ترى يقترب فيها أو يلتقي الظاهر بالباطن، أما التلون بحسب الحال واختيار اللبوس المناسب لكل موقع فليس مما نحن فيه بسبيل، وهكذا التظاهر بالصلاح والورع والتخفي بالفساد والإفساد، وقد قال بعضهم عن امرأة تُدْعَى مَيَا ظاهرها