المال الذي يتجدد ملكه للمرء أقسام ثلاثة: الأول الربح، وهو الناشئ عن التجارة، والثاني الغلة، وهي الناشئة عن الكراء والإجارة، والثالث الفائدة، وهي التي لا تنشأ عن معاوضة مالية كالهدايا، والعطايا، والأرزاق المفروضة، وصَدُقات النساء، والميراث، ونحو ذلك، وسيأتي الكلام على الغلة والفائدة، والغرض هنا بيان أن حول الربح هو حول أصله، سواء كان الأصل نصابا أو لا، لأن الربح يقدر كامنا في الأصل، فمن وهب له مال في أول رجب، نصابا كان أو غير نصاب، وبدأ يتاجر به في أول رمضان، فإن زكاته تجب في آخر يوم من جمادى الثانية من العام المقبل، متى بلغ تقوبم العروض مع الناض إن وجد نصابا.
وقد انفرد مالك بهذا القول من بين جمهور أهل العلم، وأنكره عليه أبو عبيد في كتاب الأموال، ولعل الإمام قاسه على نسل الماشية لما فيه من الأثر عن عمر، ولينظر هنا حاشية العدوي على شرح الخرشي (٢/ ١٨٤).
قلت: القول بعدم ضم الربح إلى أصله ينشأ عنه أن التاجر قد يبلغ ماله نصابا في أثناء الحول، وهو لا يعلم، فلا يحسب تلك المدة في حوله، أو يكلف بالتقويم المستمر لسلعه، والتقوبم يختلف من وقت لآخر، والقيمة متقلبة صعودا ونزولا، وهذا فيه عسر شديد تأباه هذه الشريعة السمحة.