للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«اللهم صل على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد»، رواه الشيخان، وأبو داود (٩٧٦) عن كعب بن عجرة، قلنا: يا رسول الله أمرتنا أن نصلي عليك، وأن نسلم عليك، فأما السلام فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك؟، قال: قولوا: فذكره، ومنها: «اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد»، رواه مالك (٣٩٥) والشيخان وأبو داود (٩٧٩).

والملاحظ أن الأحاديث التي فيها بيان كيفية الصلاة على النبي ، وهي أحاديث كل من كعب بن عجرة، وأبي حميد، وهما في الصحيحين، وكذا حديث أبي مسعود الأنصاري؛ جاءت بعد طلب الصحابة ذلك من نبينا ، والعبرة في ذلك أنهم تحرجوا من أن يخترعوا صيغة يصلون بها عليه مع معرفتهم بالعربية، وبطرق تعظيمه، ومع أنهم لو صلوا عليه امتثالا للأمر القرآني بصيغة ما؛ فإن ذلك قد يكون كافيا في براءة ذممهم؛ مما يدل على أن طرق تعظيمه توقيفية عندهم ولأن لفظ الصلاة فيه إجمال لم يجرأوا على ذلك، بخلاف الناس عندنا اليوم، فإن كثيرا منهم يخترعون ألفاظا يزعمون أنهم يعظمون بها صاحب الشريعة ، ولو كانت صالحة بمضمونها؛ لكان في الإقدام عليها استبدالٌ للذي هو أدنى بالذي هو خير، ولعلك لاحظت أن نبينا علم أصحابه السلام عليه قبل الصلاة، والذي يظهر أنه آثر تقديم ما يعمه ويعم غيره، ثم تشوفوا من ذلك إلى معرفة كيف يصلون عليه، فسألوه، وحسبك من صيغة الصلاة عليه، أنه أرشدهم إلى أن يسألوا الله أن يثني عليه لأنه أعلم بما يستحقه، فإن الصلاة من الله عليه هي الثناء عليه، وهو دليل واضح على أنه ينبغي للمؤمن أن يجعل دينه حارسا لعاطفته، قيما على شعوره إزاء نبيه حتى لا يغلو فيه، ومرد ذلك إلى أن طرق تعظيم النبي توقيفية، وإلا لاخترع كل طريقة لتعظيمه، والله المستعان.

وقول الصحابة: «فأما السلام فقد عرفناه»، يعنون بذلك ما في جميع صيغ التشهد

<<  <  ج: ص:  >  >>