للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٠٤ - «وللأب إنكاح بنته البكر بغير إذنها، وإن بلغت، وإن شاء شاورها، وأما غير الأب في البكر وصي أو غيره؛ فلا يزوجها حتى تبلغ وتأذن، وإذنها صماتها، ولا يزوج الثيب أب ولا غيره إلا برضاها، وتأذن بالقول».

لما كان الولي شرطا في صحة النكاح، وكان الأولياء مختلفين في إجبار من هم أولياء عليهن؛ بين هنا ما للأب من الخصوصية في تزويج بنته الصغيرة، والبكر وإن كانت بالغة من غير اشتراط رضاها، فيجوز له أن يزوجها بمن يرى، ولو كان دونها قدرا وحالا، ما لم يكن فيه إضرار بها كتزويجها من مجبوب، وأبرص، أو مجذوم، أو مجنون يخشى عليها منه، قالوا: كما له أن يزوجها على أقل من صداق مثلها، دون غيره من الأولياء، والمراد بالبكر من لم يسبق لها أن أنكحت، أو أنكحت ولم يدخل بها، أو دخل بها، ولم توطأ، ما لم تطل إقامتها عند الزوج، ويدخل في البكر من ثيبت بزنا، ومن كانت عانسا، وهي التي طال مكثها في بيت أهلها بعد بلوغها، فهذا حكم الأب مع البكر، لكن يستحب له إن كانت بالغة مشاورتها، وأن لا يزوجها من قبيح منظر، ولا من أعمى، ولا من أشل.

واعلم أن البكر إما صغيرة لم تبلغ، وإما بالغة، فالأولى يجوز تزويجها جبرا من الأب باتفاق أهل العلم إلا من شذ، بل نُقل على جوازه الإجماع، ودليله قوله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ (٤)[الطلاق: ٤]، ووجه الدلالة منه أن الشارع ألزم من لم تحض بالعدة ثلاثة أشهر، ولا تكون العدة إلا من طلاق، ولا يكون الطلاق إلا بعد النكاح، ولما كانت الصغيرة لا رأي لها؛ فمشاورتها وعدمها سواء، لكن تسليم إمضاء تزويج الأب بنتَه الصغيرة من غير رضاها؛ لا يلزم منه تسليم جواز تزويجها ممن فيه إضرار بها في عشرتها، كما ذكروا في الأعمى، والأشل، وقبيح المنظر، ثم إن كونها لا رأي لها لا يسلم على إطلاقه، فإنها إن كانت مميزة؛

<<  <  ج: ص:  >  >>