بن سعيد قال بلغني أن أبا بكر الصديق قال لعائشة - وهو مريض - في كم كفن رسول الله ﷺ؟، فقالت: في ثلاثة أثواب بيض سحولية، فقال أبو بكر:«خذوا هذا الثوب - لثوب عليه - قد أصابه مشق، أو زعفران، فاغسلوه، ثم كفنوني فيه مع ثوبين آخرين»، فقالت عائشة: وما هذا؟، فقال أبو بكر:«الحي أحوج إلى الجديد من الميت، وإنما هذا للمهلة»، والمشق بكسر الميم المغرة بفتح الميم وسكون الغين، وهي طين أحمر، اشتبه على الراوي أي منهما الذي أصاب الثوب، مشق، أو زعفران، والمراد أنه كان فيه ما ينبغي غسله منه للتنظيف، وإلا فالثوب المستعمل يجوز التكفين فيه، ولا يتعين غسله، والمقصود أنه ﵁ حرص على أن يعلم عدد الأثواب التي كفن فيها صاحبه ﷺ ليأمر أن يفعل ذلك به، ورغب عن أن يكفن في جديد، ورأى أن الحي أولى به، لكن علماء المذهب أخذوا من الحديث المتقدم كون الكفن وترا فقالوا به، ولم يروا بالزيادة على الثلاثة بأسا، وقد ورد ما يدل على الزيادة على ثلاثة بالنسبة للمرأة فعن أم عطية قالت عن أم كلثوم بنت النبي ﷺ:«كفناها في خمسة أثواب، وخمرناها كما يخمر الحي»، نسبه الحافظ في (الفتح ٣/ ١٧١) للجوزقاني، وقال وهذه الزيادة صحيحة الإسناد»، والمشهور في المذهب كراهة الزيادة على الخمسة للرجال، وعلى السبعة للنساء، قال خليل مبينا عدد ما يكفن فيه الرجال والنساء:«وتقميصه وتعميمه وعذبة فيها، وأزرة ولفافتان، والسبع للمرأة».
وللإمام في تقميص الميت وتعميمه قولان، قال الباجي: روى ابن حبيب وابن القاسم عن مالك أن الميت يقمص ويعمم،،،، إلى أن قال: وقال القاضي أبو الحسن إن مذهب مالك أنه غير مستحب، وقد رواه يحي بن يحي عن ابن القاسم أن المستحب أن لا يقمص ولا يعمم، ونحا به نحو المنع، وبه قال الشافعي»، ثم اختار الباجي الجواز، لحديث جابر الذي فيه أن النبي ﷺ كسا عبد الله بن أبي بن سلول قميصه»، وهذا والله أعلم لا حجة فيه لا على الزيادة على ثلاثة أثواب، ولا على تقميص الميت لكون المفعول به ذلك ليس مسلما، مع أنني رايت كثيرا من أهل العلم يستدلون به على ذلك، وقد يقال أنه مسلم في الظاهر.