٢٤ - «ولا بأس للمضطر أن يأكل الميتة ويشبع ويتزود، فإن استغنى عنها طرحها».
المضطر هو من بلغت به الحاجة إلى الأكل مبلغا يخشى به على نفسه الهلاك، يقينا أو ظنا، فهذا يجوز له بل يجب عليه أن يأكل الميتة، صونا لنفسه من الهلاك، فإن الله تعالى إنما حرمها لخبثها وضررها، وهذا الضرر قد يتبين، وقد لا يتبين، وقد يتضرر الآكل، وقد لا يحصل له شيء، فإذا بلغ المرء ما تقدم مما يتحقق أو يظن معه لحوق الضرر به؛ جاء الترخيص من الشرع، من باب ارتكاب أخف المفسدتين لدفع أعظمهما، قال ربنا ﵎ في خصوص حل الميتة وما ذكر معها للمضطر: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٧٣)﴾ [البقرة: ١٧٣]، وقال تعالى في حل المحظور عموما للمضطر: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ (١١٩)﴾ [الأنعام: ١١٩].
والمشهور أنه يجوز للمضطر الأكل حتى يشبع، كما يجوز له التزود إذا خاف العدم فيما يستقبل فيموت، ودليل هذا حديث جابر بن سمرة أن أهل بيت كانوا بالحرة محتاجين، قال: فماتت عندهم ناقة لهم، أو لغيرهم، فرخص لهم رسول الله ﷺ في أكلها، قال فعصمتهم بقية شتائهم، أو سنتهم»، رواه أحمد وأبو داود (٣٨١٦)، وهذا ليس لفظه.
قال الإمام في الموطإ (١٠٧٥): «أحسن ما سمع في الرجل يضطر إلى الميتة، أنه يأكل حتى يشبع ويتزود منها، فإن وجد عنها غنى طرحها»، ورأى ﵀ أن يقدم المضطر مال الغير على الميتة؛ متى علم أنهم يصدقونه في دعواه الاضطرار، ولا يتعرض لقطع اليد، لكنه احتاط أن يكون ذلك ذريعة يصطنعها غير المضطر فقال: «مع أني أخاف أن يعدو عاد ممن لم يضطر إلى الميتة يريد استجازة أخذ أموال الناس وزروعهم وثمارهم بذلك بدون