لتضرب أصولها بالفؤوس وإنها لنخل عُمّ حتى أخرجت منها»، رواه أبو داود (٣٠٧٤)، وقوله وذكر مثله يريد ما جاء في حديث سعيد بن زيد الذي أورده قبله وفيه:«ليس لعرق ظالم حق»، وقد شاركه في روايتها أصحاب السنن عن سعيد بن زيد، وقد حسنه الحافظ في بلوغ المرام، وقوله وإنها لنخل عم هو بضم العين قال الخطابي:«عم طوال جمع عميم، ورجل عميم إذا كان تام الخلق»، انتهى، وقوله:«لعرق ظالم» هو بإضافة العرق للظالم، وبالتنوين فيكون وصفا لعرق، والأول أولى لأنه حقيقة وهي مُقَدَّمَةٌ، والثانية مجاز، وإن أنكر الإضافة الخطابي كما نقله عنه محمد حامد الفقي فيما علقه على بلوغ المرام، ولم أجده في المعالم، ولعله في كِتَابه غلط المحدثين، والمراد بعرق الظالم ما يغرسه الغاصب في أرض هي ملك لغيره، فهذا ليس له فيه حق، ومثله ما احتفر فيها من الآبار، وما استخرج منها من المعادن، وما بني عليها من المباني، أو شق فيها من الطرق، فالأصل في هذا كله أنه ملك لصاحب الأرض، والله أعلم.
والحديث وإن كان في الأرض بالنظر إلى سبب وروده فإن غير الأرض مثلها بجامع الغصب، قال الشوكاني في السيل الجرار (٣/ ٣٥٢): «ومن خالف في ذلك فليس بيده رواية ولا دراية»، انتهى، لكن الشوكاني ﵀ مال في نيل الأوطار (٥/ ٣٢٧) إلى خلاف هذا حيث قال: «قيل عن هذا الحكم - يعني الخراج بالضمان - مختص بمن له ملك في العين التي انتفع بخراجها كالمشتري الذي هو سبب ورود الحديث، وإلى ذلك مال الجمهور، وقالت الحنفية إن الغاصب كالمشتري قياسا، ولا يخفى ما في هذا القياس، لأن الملك فارق يمنع الإلحاق، والأولى أن يقال إن الغاصب داخل تحت عموم اللفظ ولا عبرة بخصوص السبب كما تقرر في الأصول»، انتهى، قال كاتبه: أنكر العلامة الشوكاني دخول غلة المغصوب بالقياس، وأدخلها بعموم اللفظ، فكان كما قال ذلك الأعرابي الذي قدم وأخر في الآيتين الأخيرتين من سورة الزلزال، فلما روجع في ذلك قال وهو مخطئ على كل حال:
خذا بطن هرشى أو قفاها فإنه … كلا طرفي هرشى لهن طريق
إن دخول الغاصب في العموم حق بناء على ما عليه جمهور أهل الأصول، لكن غصب الأرض خرج بقوله ﷺ:«وليس لعرق ظالم حق»، وغير الأرض يخرج بالإلحاق،