للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٥٤ - «و لا يباع جزاف بمكيل من صنفه، ولا جزاف بجزاف من صنفه إلا أن يتبين الفضل بينهما إن كان مما يجوز التفاضل في الجنس الواحد منه».

لما تكلم على منع بيع الرطب باليابس من الربويات لا فرق بين أن يكون مكيلا أو جزافا، وهو منصوص الحديث، واستطرد إلى ذكر بيع الثمار والفواكه يابس جنسها برطبه لا فرق بين أن تكال أو تباع جزافا، ناسب أن يردف ذلك بمنع بيع المجهول بالمعلوم من جنسه من سائر السلع التي ليس فيها رطب، فتأتيها الجهالة من الجزاف فيتحقق فيها مناط المنع عندهم وهو بيع معلوم بمجهول، وهو قوله «ولا يباع جزاف بمكيل من صنفه»، كبيع صُبْرة جَوْزٍ لا يعلم كيلها ب (٥٠) كيلو منه، وقال عن بيع المجهول بالمجهول: «ولا جزاف بجزاف من صنفه إلا أن يتبين الفضل بينهما»، كبيع صُبْرة جَوْز بِصُبْرة، إلا إذا علمنا مقدار التفاضل فينتفي عنهما وصف المزابنة، كأن نعلم أن وزن الصُّبْرة هو (٦٠) كيلو أو (٤٠) مثلا، لأن التفاضل هنا جائز، والممنوع في المذهب هو النسيئة، ويظهر أنه لا يصح التمثيل في بيان هذه الفقرة ببيع صُبْرة قمح بصُبْرة منه مجهولتي الكيل، ولا صُبْرة منه ب (٣٠) صاعا كما هو في شرح أبي الحسن، لأن المانع من بيع الجنس بجنسه مكيلا منه بجزاف، أو جزاف بجزاف هو المزابنة على ما وسعه إليها أهل المذهب، والمانع من بيع جنس الربوي بجنسه إلا متماثلين ليس المزابنة، فإنها وإن كانت صالحة للاعتماد عليها، فإن الاستدلال بالأخص مقدم على الاستدلال بالأعم، وقد روى النسائي عن جابر قال، قال رسول الله : «لا تُبَاع الصُّبْرَة من الطعام بالصُّبْرَة من الطعام، ولا الصُّبْرَة من الطعام بالكيل المسمى من الطعام».

<<  <  ج: ص:  >  >>