تقدم اختلاف أهل المذهب في المعتكف: هل له أن يفعل جميع أعمال البر المختصة بالآخرة إذا كان ذلك في المسجد، أم لا يفعل إلا ما شأنه أن يفعل في المسجد، لكن لا يصح اعتماد من قال لا يؤم المعتكف على القول الثاني، لأن الإمامة قد جمعت الوصفين، وهي كونها من أعمال المسجد، ومن القربات، فكان ينبغي على كل من القولين أن تكون مشروعة، ومن العجب أن ينص خليل ﵀ في مختصره على كراهة أن يكون المعتكف إمام مسجد.
ولعل المؤلف أراد أن يرد هذا القول فعبر بلا بأس، وأخذ بعضهم من كلامه أن ترك ذلك أحسن، وقد حكي ابن وضاح عن سحنون أنه لم يجز للمعتكف أن يكون إماما لا في الفرض ولا في النفل!!، ذكره علي الصعيدي في حاشيته على شرح أبي الحسن، ولعل الدافع لمن قال بذلك أن الإمام يغشاه الناس للحديث معه وسؤاله وغير ذلك، فيشغله عما جرد نفسه له، فأرادوا أن يسدوا الذريعة إليه، ومع هذا فالحق أن هذه المسألة لا ينبغي أن تكون موضع خلاف.
قال الشيخ علي الصعيدي:« … أو يستحب أن يكون راتبا في المسجد وهو المعتمد»، قال أبو الحسن معقبا على قول المؤلف السابق:«وانظر هذا مع ما صح أن النبي ﷺ كان يعتكف وهو الإمام».