٢٨ - «وما ماتت فيه فأرة من سمن، أو زيت، أو عسل ذائب؛ طرح ولم يؤكل، ولا بأس أن يستصبح بالزيت وشبهه في غير المساجد، وليتحفظ منه، وإن كان جامدا؛ طرحت وما حولها، وأكل ما بقي، قال سحنون إلا أن يطول مقامها فيه، فإنه يطرح كله».
لا خصوصية للفأرة، فإن غيرها مما يتنجس به الطعام مثلها، وإنما ذكرها لأنها قد نص عليها في الحديث الذي هو أصل هذا الحكم، فعن ابن عباس عن أم المؤمنين ميمونة أن فأرة وقعت في سمن، فأخبر النبي ﷺ، فقال:«ألقوا ما حولها وكلوا»، رواه مالك (١٧٧٢) والبخاري وأبو داود (٣٨٤١) والترمذي (١٧٩٨)، وفي المتن إشارة إلى أن السمن كان
جامدا.
وجاء التفصيل الذي ذكره المؤلف فيما رواه أبو داود (٣٨٤٢) عن أبي هريرة قال، قال رسول الله ﷺ:«إذا وقعت الفأرة في السمن، فإن كان جامدا؛ فألقوها وما حولها، وإن كان مائعا؛ فلا تقربوه»، وقد أشار إليه الترمذي، ونقل تضعيفه عن شيخه البخاري جبل العلم.
وقد يؤخذ من هذا أن النجاسة إذا وقعت في شيء؛ فإما أن يكون مائعا، أو جامدا؛ فإن كان الأول؛ طرح، لسرعة سريان النجاسة فيه، وإن كان جامدا، طرحت النجاسة وما حولها من غير تحديد لما يطرح إلا بحسب غلبة الظن مما يشك في سريان التنجس له، إلا أن يطول وجود النجاسة في الشيء، فإنه يرمى كله احتياطا كما قال سحنون بذلك في طول بقاء الفأرة في الطعام الجامد.