للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٧٣ - «ويقتل الزنديق ولا تقبل توبته وهو الذي يُسِرُّ الكفر ويظهر الإسلام».

لما أنهى الكلام على القتل العمد والخطإ والجراح وما تعلق بها من الدية والكفارة، وهي جناية على الغير ذكر هنا عقوبة من جنى على الدِّينِ بالخروج منه، وهو أعظم الجنايات، وأكبر الذنوب، لكونه رجوعا إلى الكفر بعد الإيمان، وذلك إما قول أو فعل أو اعتقاد، وقد يكون علنا وهو المسمى ردة، أو خفية وهو الزندقة،

أما الزنديق فهو كما عرفه المؤلف من يظهر الإسلام ويبطن الكفر، وهو الذي كان يُدْعَى منافقا في عصر النبوة، وقد قالوا إن أصل الكلمة فارسي ولفظها «زان دين»، أي خافي الكفر، فصارت بعد التعريب «زنديق»، فهذا إن ثبت عليه ما ذُكِرَ قُتِلَ، تاب أو لم يتب، بيد أنه إن تاب قُتِلَ حدا، وكذلك إذا أنكر ما شهدت البينة به عليه من الزندقة، وإن لم يتب قُتِلَ كفرا، والفرق بينهما أن من قُتِلَ حدا فماله لوارثه، وأما الثاني كأن اعترف ولم يتب، فإن ما تركه يجعل في بيت مال المسلمين.

وقد روى البخاري وأصحاب السنن عن عكرمة قال: «لما بلغ ابن عباس أن عليا حرق المرتدين أو الزنادقة، قال: «لو كنت أنا لم أحرقهم، ولقتلتهم لقول رسول الله : «من بدل دينه فاقتلوه»، ولم أحرقهم لقول رسول الله : «لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله»، وفي الموطإ (١٤١١) عن زيد بن أسلم أن رسول الله قال: «من غير دينه فاضربوا عنقه»، وهو مرسل كما ترى.

أما أنه لا تقبل توبته فقد عللوا ذلك بأن حاله لا ينضبط لفساد طويته وخبثه، فإنه لم يعالن بالكفر كما هو شأن المرتد، بل أخفاه حتى اطُّلِعَ عليه، وقد استدل مالك بالحديث المتقدم على قتل الزنديق فقال مع بعض التصرف: «ومعناه فيما نُرى والله أعلم أن من

<<  <  ج: ص:  >  >>