للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلد التي وعد المتقون، قال:

فحي على جنات عدن فإنها … منازلك الألى وفيها المخيم

ولكننا سبي العدو فهل ترى … نرد إلى أوطاننا ونسلم؟

ولا يستشكل دخول إبليس الجنة فإن ذلك قبل أن تكون دار جزاء.

وأعظم ما يكرم الله تعالى به أولياءه في الجنة هو النظر إلى وجهه الكريم، كما في الحديث الصحيح عن صهيب عن النبي قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال: يقول الله : تريدون شيئا أزيدكم؟، فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟، ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟، قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم ﷿» (١).

وفي الصحيح عن أبي هريرة أن ناسا قالوا يا رسول الله: هل نرى ربنا يوم القيامة؟، فقال رسول الله : «هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر»؟، قالوا: لا يا رسول الله، قال: فهل تضارون في الشمس ليس دونها حجاب؟، قالوا: لا يا رسول الله، قال: فإنكم ترونه كذلك،،، الحديث (٢)، وفيه تشبيه الرؤية بالرؤية، لا تشبيه المرئي بالمرئي، فإن الله تعالى ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير.

وقال تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦]، وقد تلاها النبي عقب إخباره بأن أهل الجنة ما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى وجهه الكريم، فالزيادة هي النظر إذن، وقال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)[القيامة-٢٢ - ٢٣].

وهذه الرؤية خاصة بالموحدين الذين دخلوا جنة الدنيا بمعرفتهم ربهم، وهي أعظم نعيمها، فمن لم يدخل هذه الجنة لم يدخل تلك الجنة، فأما الكفار فإن الله تعالى يحجبهم عن رؤيته، وحجبهم عن رؤيته دلالة على أن غيرهم من الموحدين ليسوا مثلهم، قال تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)[المطففين: ١٥]، وقد احتج بذلك مالك


(١) متفق عليه: البخاري (٦٥٦٠)، ومسلم (١٨١).
(٢) متفق عليه: البخاري (٤٥٨١)، ومسلم (١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>