أما الفقهاء فقد يذكرون أمورا من أبواب المعاملات كالنكاح والطلاق والبيع والوكالة وغيرها على وجه التطبيق أو لكونها مختلفة فيما تثبت به، وقد أدخل المؤلف في الباب الحديث عن الصلح والفلس والقسمة وهي أمور لم يترجم لها، فاستدركها هنا.
قال ابن رشد في بداية المجتهد (٢/ ٤٥٩): «وأصول هذا الكتاب تنحصر في ستة أبواب، أحدها: في معرفة من يجوز قضاؤه، والثاني: في معرفة ما يقضى به، والثالث: في معرفة ما يقضى فيه، والرابع: في معرفة من يقضى عليه أو له، والخامس: في كيفية القضاء، والسادس: في وقت القضاء»، انتهى.
وخطر القضاء عظيم، ولذلك كان العلماء القادرون عليه يفرون منه خوفا من تبعاته وخطورته، وقد قال رسول الله ﷺ:«من جُعِلَ قاضيا بين الناس فقد ذُبِحَ بغير سكبن»، رواه أبو داود عن أبي هريرة ﵁، قال ابن الصلاح كما في عون المعبود:«ذُبح من حيث المعنى، لأنه بين عذاب الدنيا إن رشَد، وبين عذاب الآخرة إن فسَد»، انتهى، وقيل معناه أنه آيل إلى ذلك كما في قوله ﷺ:«أفطر الحاجم والمحجوم» على أحد أقوال من تأولوا الإفطار، وقال الخطابي في معالم السنن (٤/ ١٥٩): «معناه التحذير من طلب القضاء والحرص عليه، يقول من تصدى للقضاء فقد تعرض للذبح، فليحذره وليتوقه، وقوله بغير سكين يحتمل وجهين أحدهما أن الذبح إنما يكون في ظاهر العرف بالسكين، فعدل به ﵇ عن غير ظاهر العرف وصرفه عن سنن العادة إلى غيرها ليعلم أن الذي أراد بهذا القول إنما هو ما يخاف عليه من هلاك دينه دون بدنه، والوجه الآخر أن الذبح الوجيء الذي يقع به إزهاق الروح وإراحة الذبيحة وخلاصها من طول الألم وشدته إنما يكون بالسكين، وإذا ذبح بغير السكبن كان ذبحه خنقا وتعذيبا فضرب المثل في ذلك ليكون أبلغ في الحذر والوقوع فيه»، انتهى.
وقال بعضهم في هذا المعنى:
ولما أن توليت القضايا … وفاض الجور من كفيك فيضا
ذبحت بغير سكين وإنا … لنرجو الذبح بالسكين أيضا
وقال ﵊: «القضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحد في الجنة: رَجُلٌ عَلِمَ