وقوله:«أو على أن يقبض ببلد آخر» يعني إن لم يكن السلم مؤجلا بما ذكر غير أنه اشترط أن يقبض ببلد غير البلد الذي أسلم فيه يبعد بسير اليومين أو الثلاثة قام ذلك مقام الأجل المذكور لاختلاف الأسواق باختلاف البلدان حتى في الزمان الواحد، فيتحقق بذلك الغرض من السلم، بدليل أن الناس يسافرون بالسلعة من بلد إلى آخر رجاء الربح، قال ابن العربي في المسالك (٦/ ١٢٣): «وانفرد مالك عن جميع العلماء في مسألة الأجل في السلم، فقال يجوز أن يسلم الرجل إليه في بلد في طعام في بلد آخر، يعطيه إياه في بلد آخر يسميه، ولا يذكر الأجل، ويكون مسافة ما بين البلدين أجلا، وهي مسألة ضعيفة جدا لأنه أجل مجهول»، انتهى ببعض تصرف.
قلت: التقدير بالمسافة يجعل الأجل كالمجهول، وقد ذكر أهل المذهب قيودا تجعله قريبا من المعلوم، وتحد من جهالته، لكن في ذلك الوقت الذي كانت فيه وسائل النقل محدودة والفوارق بينها قليلة، وهي أن يتفقا على قبضه بمجرد الوصول، وأن يشترط في العقد الخروج فورا، وأن يخرج المسلم فورا، وأن يكون السفر في البر أو في البحر بغير ريح.