٢٩ - «والجمع ليلة المطر تخفيف وقد فعله الخلفاء الراشدون».
المطر بقيده عذر في التخلف عن صلاة الجماعة لثبوت استبدال «ألا صلوا في رحالكم» بالحيعلتين في الأذان، رواه البخاري عن ابن عمر، لكن هذا لا يدل على جمع التقديم، وروى مالك في الموطإ عن نافع عن عبد الله بن عمر ﵄ أنه كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر جمع معهم»، وفي مشروعية هذا الجمع دليل على حرص الشرع على أداء المكلف الصلاة في جماعة، بل وفي المسجد، فمن ثم جاء الترخيص في جمع العشاء إلى المغرب جمع تقديم لأجل المطر الذي هو عذر في التخلف عن الجماعة لما فيه من المشقة.
وقد قالوا إنه يشرع الجمع للمطر الواقع والمتوقع وللطين مع الظلمة، وإنما ذكر المؤلف أن الخلفاء الراشدين فعلوه ليدل على استمرار هذا الحكم، وأنه لم ينله نسخ، إِذْ يستبعد خفاء ذلك على مجموعهم مع كون فعلهم لا يخفى لمكانتهم، ولقول النبي ﷺ فيهم:«فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ … الحديث، وكثيرا ما يورد مالك آثار الصحابة بعد المرفوع لهذا المعنى.
لكن مجرد فعل الخلفاء لهذا الأمر لا يدل على أن الجمع للمطر منصوص لاحتمال أخذهم ذلك بالأولى من كون النبي ﷺ صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر والعصر والمغرب والعشاء»، رواه الشيخان عن ابن عباس ﵄، وفي رواية لمسلم وبعض أصحاب السنن وذكره سحنون في المدونة أنه جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر، قيل لابن عباس:«ما أراد»؟، قال:«أراد أن لا يحرج أمته»، وفي بعضها ذكر السفر بدل المطر، قال الحافظ:«واعلم أنه لم يقع مجموعا بالثلاثة في شيء من كتب الحديث، بل المشهور من غير خوف ولا سفر»، انتهى، وقال مالك: أرى أن ذلك كان في مطر، وقد يؤخذ من قوله هذا في توجيه الحديث أنه يرى الجمع بين الظهر