٧ - «خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه وهو أقرب إليه من حبل الوريد، وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين».
قوله هذا إشارة إلى قول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦)﴾ [ق: ١٦]، فالله تعالى هو خالق الإنسان المحيط بجميع أموره حتى إنه يعلم ما في باطنه مما لا يعلمه غيره وهو خواطره وأفكاره وما توسوس به نفسه من الخير والشر، كما يعلم سائر مخلوقاته، ومقصود المؤلف لزوم اعتقاد إحاطة علم الله تعالى بجميع الأشياء ظاهرها وخفيها، دقها وجلها، ما كان منها موجودا، وكل ما هو كائن فالله تعالى يعلمه، كما قال تعالى: ﴿لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [سبأ: ٣]، وقال تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام: ٧٣].
والوسوسة ما يجول في النفس من الخواطر، والعزائم، وهي كلمة جامعة لكثير مما يجري في باطن الإنسان، لذلك عبر بها بدل التعبير بالفكر، والظن وغيرهما.
وإضافة الحبل إلى الوريد بيانية، أي حبل هو الوريد، وهو واحد الحبال، والأوردة هي الشرايين، وهي عروق غليظة، الوريد أحدها، وفي الجسد وريدان يكتنفان العنق.
والقرب إما قرب علم كما تقدم في الكلام على المعية في آية المجادلة، وإما قرب الملائكة، وبالقولين فسرت الآية، وقد جاء التعبير بنحوه فيما علم أن المراد به يقينا غير الله