١٥ - «وإذا خافت الحامل على ما في بطنها؛ أفطرت، ولم تطعم، وقد قيل تطعم، وللمرضع إن خافت على ولدها، ولم تجد من تستأجر له، أو لم يقبل غيرها؛ أن تفطر وتطعم، ويستحب للشيخ الكبير إذا أفطر؛ أن يطعم».
الحامل إذا خافت على حملها عند مالك؛ هي بمثابة المريض، تفطر ولا تطعم، وعليها القضاء، وقد صرح بإلحاقها بالمريض في الموطإ (٦٨٣)، ولم ير عليها الفدية، مع أنه أثبت في موطئه (٦٨٣) بلاغا قول ابن عمر أنها تفطر وتطعم وتقضي، وقد أشار إليه المؤلف بصيغة التمريض، وهو رواية ابن وهب عن مالك، أما المرضع؛ ففطرها لأجل غيرها، فعلة إفطارها خارجة عنها، فلم تشبه الحامل التي ألحقت بالمريض، فرأى أن الفدية واجبة عليها مع القضاء، والرواية الثانية مساواتها بالحامل، فتقضي ولا فدية عليها، أما الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم؛ فلا قضاء عليه ولا فدية، هذا هو ظاهر ما في المدونة، وقيل تستحب له الفدية، لأن الذي في المدونة نفي الوجوب، ولا يلزم من نفيه نفي ما دونه، ومرد الحكم فيمن ذكر إلى قول الله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤].
قال ابن عباس:«أثبتت للحبلى والمرضع»، رواه عنه أبو داود (٢٣١٧)، وظاهر هذا أنهما تفتديان ولا تقضيان، لأن مراده بالإثبات؛ أن الأمر كان على التخيير بين الصيام والإطعام عند نزول هذه الآية، ثم نسخ التخيير بقوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥]، وبقي الحكم المنسوخ ثابتا للحبلى والمرضع، وكونها منسوخة هو في صحيح البخاري (٤٥٠٧) عن سلمة بن الأكوع، ومعنى ﴿يُطِيقُونَهُ﴾ على هذا؛ يقدرون على الصيام.
وفي صحيح البخاري أيضا عن عطاء سمع ابن عباس يقرأ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾، قال ابن عباس ليست منسوخة، هو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينا»، ويطوقونه في الآية على قراءة ابن عباس بفتح الطاء وشد